التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين 37 أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين 38 بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين 39 ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين 40}

صفحة 3367 - الجزء 5

  الظن في تقليد رؤسائهم في عبادة الأوثان بحسن الظن بهم، عن أبي مسلم، وأبي علي. وقيل: إنهم شاكون في دينهم الذي جاءهم اللَّه بحججه، عن الأصم. «إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيئًا» يعني الظن لا يقوم مقام العلم، ولا يغني عنهم مع وجوده وإمكانه، وقيل: الظن لا يكفي في توحيد اللَّه سبحانه؛ لأن طريق ذلك العلم، وقيل: لا يغني في استحقاق الثواب والنجاة من العقاب، فإذا لم يقدر الظان فالمقلد أولى «إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ»، فيجازيهم بأعمالهم.

  · الأحكام: تدل الآيات على صحة الحجاج في الدين.

  وتدل على أن استحقاق العبادة بالنعم؛ لذلك عد أصول النعم.

  ويدل قوله: «أنى يؤفكون» على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ؛ لأنه تعالى لو صَرَفَهم لما صح أن يقول: فمن صرفهم.

  وتدل على أن الظن في أصول الدين باطل، وإنَّمَا يصح اعتبار الظن في مسائل الاجتهاد.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ إذ لو كانت ضرورية لما كانوا ظالمين.

  ويدل قوله: «يفعلون» أن الفعل لهم، وليس بخلق لله.

  وتدل على أنه تعالى المختص بالقدرة على الإعادة.

قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٣٧ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٣٨ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ٣٩ وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ ٤٠}