قوله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون 62 الذين آمنوا وكانوا يتقون 63 لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم 64 ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم 65}
  وقيل: يتصل بما قبله، كأنه قيل: إذا كنت ولي اللَّه وبشرك اللَّه بكل خير، فلا ينبغي أن تحزن بطعن طاعن.
  ويُقال: كيف يتصل «هو السميع العليم» بما قبله؟
  قلنا: يعني: يسمع قولهم ويجازيهم، فلا يحزنك ذلك.
  · المعنى: «أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ» قيل: قوم ذكرهم اللَّه بما هم عليه من سيماء الخير والإخبات، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير. وقيل: هم المتحابون في اللَّه، في خبر مرفوع. وقيل: هم الَّذِينَ آمنوا وكانوا يتقون، عن ابن زيد، وقيل: هم الَّذِينَ عملوا بطاعته، عن أبي مسلم، وقيل: الَّذِينَ تولاهم اللَّه بأن هداهم بالحجج التي آتاهم، وتولوا القيام بحقه والدعاء إليه، عن الأصم. وقيل: من تولاه اللَّه بحفظه وحِيَاطَتِهِ، ورضي عنهم، عن أبي علي. «لا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.» قيل: لا يخافون أهوال الآخرة، ولا يحزنون على فوت الدنيا، وقيل: لا يخافون دخول النار، ولا يحزنون بأن يخرجوا من الجنة، ثم وصفهم، فقال سبحانه: «الَّذِينَ آمَنُوا» بِاللَّهِ ورسله وعملوا بطاعته «وَكَانُوا يَتَّقُونَ» معاصيه.
  ثم بَيَّنَ ما أعد لهم، فقال سبحانه: «لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» فيه أقوال:
  الأول: بشارة الملائكة للمؤمن عند قبض روحه بما له عند اللَّه من الفوز، عن قتادة، والزهري، وعطاء، والضحاك، وأبي علي.
  الثاني: هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن، أو تُرَى له في خبر مرفوع، وروي ذلك عن ابن عباس.
  الثالث: هو ما بَشَّرَ اللَّه به في كتابه، وعلى ألسنة رسله من جنته وكريم ثوابه، عن الحسن، والأصم. وقيل: هو السرور بما وعدهم اللَّه في الدنيا والآخرة بما يصيرون إليه، عن أبي مسلم.