قوله تعالى: {وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم 88 قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون 89}
  تقديره: ليضلوا ولا يؤمنوا، وهو مقدم على قوله: «رَبَّنَا اطْمِسْ»، وإن كان بعده في التلاوة، قال الأعشى.
  فَلاَ يَنْبَسِطْ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيكْ مَاَ انْزَوَى ... وَلاَ تَلْقَنِي إلّا وَأَنْفُكَ رَاغِمُ
  وأما الجزم فبالدعاء عليهم، عن الفراء، على تقدير: فلا آمنوا، والوجه الأول:
  فأما قوله: «ليضلوا» قيل: موضعه نصب، تقديره: كي يضلوا، وقيل: موضعه جزم، وهو دعاء عليهم، كقولهم: ليهلك زيد. قال بعضهم: لا يجوز على الأنبياء أن يدعوا بالضلال، وإذا حمل الضلال على طريق الجنة، والهلاك جاز، ومن قال بالأول استدل بقوله: «رَبَّنَا اطْمِسْ» وما بعده، وأن جميع ذلك دعاء.
  · المعنى: ثم ذكر تعالى دعاء موسى على قومه عند الإياس من إيمانهم، فقال سبحانه: «وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيتَ» أي: أعطيت «فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ» قيل: أشرافهم وكبراءهم، وقيل: جماعتهم الَّذِينَ اتبعوه «زِينَةً» من متاع الدنيا وأثاثها، وقيل: الزينة الجمال وصحة البدن، عن أبي علي، والقاضي. وقيل: اللباس والدواب، عن الأصم «وَأَمْوَالاً» وصنوف الأموال «فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» يعني: بسطت لهم ذلك في الزينة، وإنما جاز الإنعام مع إنكارهم في الدنيا؛ لأنه استصلاح، ولا يجوز في الآخرة؛ لأنه ثواب وجزاء «رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ» ذكر شيخنا أبو علي فيه ثلاثة أوجه:
  أولها: أن اللام لام العاقبة، وهو ما يؤول إليه الأمر، كقوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} وكقول الشاعر:
  لِدُو لِلْمَوْتِ وابْنُو لِلخَرَابِ