التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم 88 قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون 89}

صفحة 3418 - الجزء 5

  وقال آخر:

  أَاُمَّ سِمَاكٍ فَلاَ تَجْزَعِي ... فَلِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الوَالِدَةْ

  فلما كان المعلوم من حالهم أنهم يضلون، وإن كان تعالى آتاهم الزينة لكي يطيعوا صار كأنه آتاهم ذلك ليضلوا، وتقدير الكلام: ربنا إنك آتيتهم الأموال والزينة، فكان عاقبة ذلك أنهم ضلوا، وهو قول الأخفش، وقطرب.

  الثاني: لئلا يضلوا عن سبيلك، فحذفت (ألا)، نحو قوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} أي: لئلا تضلوا، وكقوله: {بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا} أي: لئلا تقولوا.

  الثالث: قال ذلك على وجه الاستفهام، والمراد الإنكار، أن يكون آتاهم الأموال ليكفروا، وأ نشد:

  كَذَّبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأَيْتَ بِوَاسِطٍ ... غَلَسَ الظَّلامِ مِنَ الرَّبَابِ خَيَالاَ

  يعني: أكذبتك.

  وقال آخر:

  بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الجَمْرَ أَمْ بِثَمَانِ

  وكذلك أراد موسى آتيتهم الزينة ليضلوا، وأراد تحقيق الإنكار، أي: لمْ تؤتهم لذلك، ولكن جعلوها آلة للضلال والإضلال.

  وذكر أبو مسلم وجها رابعًا، فقال: معناه إنك آتيتهم ذلك في الدنيا لما علمت منهم الكفر، فإنهم لا يؤمنون لتعذبهم بها في الحياة الدنيا، وتخذلهم بكفرهم، فلا يؤمنوا، فإذا ماتوا أدخلتهم النار، وأضللتهم عن سبيلك التي هي سبيل الجنة،