قوله تعالى: {وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم 88 قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون 89}
  وتقديره: ربنا آتيتهم ذلك لأجل كفرهم عقوبة لهم، كقوله: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ} إلى قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا}.
  «رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ» قيل: أهلكها، عن مجاهد، وأبي علي، وقيل: امسخها وغيرها عن هيئتها، عن جماعة المفسرين، وقيل: معناه آتيتهم الأموال عقوبة، فزدهم عقوبة بطمسها، عن أبي مسلم، وقيل: صارت أموالهم حجارة، عن ابن عباس، وقتادة، والربيع، والضحاك، وابن زيد، والسدي، وأبي صالح. «وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ» قيل: امنعها من التصرف عقوبة لهم، وقيل: تميتهم بعد سلب أموالهم، عن أبي مسلم، وقيل: أهلكهم، عن الأصم، وقيل: اربط على قلوبهم، وصبرهم حتى يقيموا في بلادهم التي قد طمس فيها على أموالهم، ولا يتفرقوا البلاد الخصيبة فيعيشوا فيها، عن أبي علي، كأنه أراد أن تجمع عليهم حسرة ما فاتهم من النعم، وشدة العيش، وقيل: الشد على القلب عبارة عن الخذلان واللعنة «فَلاَ يُؤْمِنُوا» أي: لا يؤمنون إيمان اختيار، وقيل: جرى مجرى الجواب ومعناه الإخبار كما تقول: انظر إلى الشمس تغرب، كأنه أخبر أنهم لا [يؤمنون أبدا]، وقيل: هو عطف على «ليضلوا» تقديره: ليضلوا فلا يؤمنوا، عن أبي علي «حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ» الموجع، قيل: الغرق، وقيل: عذابك الذي يكذبون به، عن الأصم. «قَالَ» اللَّه تعالى لهما: «قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا» يعني موسى وهارون @، قيل: لأن موسى دعا وَأَمَّنَ هارون، عن عكرمة، والربيع، ومحمد بن كعب، وأبي العالية، وابن زيد، وأكثر المفسرين، ولذلك نسب الدعاء إليهما، وقيل: يجوز أن يخاطب الواحد بخطاب الاثنين، وقيل: شاركه في الدعاء، عن الأصم، فلذلك ذكرهما عند الإجابة «فَاسْتَقِيمَا» قيل: على الطاعة وأداء الرسالة، والدعاء إلى الدين، وقيل: اثبتا على الدعاء على فرعون إلى أن تأتي الإجابة، وقيل: مكث فرعون بعد هذه الآية أربعين سنة، ثم هلك، عن ابن جريج، وقيل: بل أُخِذَ في الحال، يدل عليه قوله: «آلآن»، عن الأصم. «وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» أي: لا تسلكا طريقة الجهال، وقيل: طريقة من لا يعلم وعدي ووعيدي، فإنه لا خلف فيه.