التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين 90 آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين 91 فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون 92}

صفحة 3420 - الجزء 5

  · الأحكام: تدل الآية على أنه يحسن من الأنبياء الدعاء على أعدائهم من الكفرة.

  ويدل بقوله: «فلا يؤمنوا» أن الإيمان فعلهم؛ إذ لو كان خلقًا له تعالى لما صح الكلام؛ لأنه وإن أتاهم العذاب لا يؤمنوا ما لم يخلق فيهم، وإن خلق فيهم آمنوا، وإن لم يأتهم العذاب.

  ومتى قيل: إن موسى دعا بإذن ربه أم من جهة نفسه؟

  قلنا: بل عن وحي؛ لأنه لو دعا عن غير وحي لم يُؤْمَنْ فيه التنفير.

  وتدل على عظم موقع المعصية عند كثرة النعم، لذلك جعل تقدمة دعائه عليهم من نعمه تعالى عليهم.

  ومتى قيل: هلا قلتم: إن لام «ليضلوا» لام كي، على ما تزعمه الْمُجْبِرَة؟

  قلنا: لأن العقل دل أنه تعالى لا يريد الضلال، ولا يضل عن الدين، ولو جاز ذلك لجاز أن يبعث رسولاً يدعو إلى الضلال، ويأمر بالإضلال، ولجاز أن يبعث من ليس بنبي، ويظهر المعجز عليه ليضل عن الدين.

قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٩٠ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ٩١ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ٩٢}

  · القراءة: قرأ حمزة والكسائي وخلف: «آمَنْتُ إِنَّهُ» بكسر ألف (إِنَّهُ) على البدل من