قوله تعالى: {قل ياأيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين 104 وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين 105 ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين 106 وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم 107}
  وما فيها أجسام وأعراض، والأجسام لا تخلو من الأعراض، والأعراض محدثة، وكذلك الأجسام، وإذا ثبت حدوث الأجسام فلا بد لها من محدث مخالف لها، وثبت أن الفعل المحكم لا يصح إلا من قادر عالم، وأن القادر العالم لا يصح إلا وهو حي موجود، وأن الموجود لو كان محدثًا لاحتاج إلى محدِث فيتسلسل، وإذا ثبت كونه حَيًّا لا آفة به كان سميعًا بصيرًا، وإذا ثبت منه الفعل والخطاب لا بد أن يكون مدبرًا، وإذا علم قبح القبيح وأنه غني عن فعله لا يفعله فكان جميع أفعاله حسنة، وإذا لم يجز عليه المنافع خلق الخلق لمنافعهم، فإذا كلفهم لا بد أن يزيح عللهم، ومن العلل الألطاف، ومن ذلك النبوات والشرائع، فعلى هذا الترتيب تدل على توحيده وعدله والنبوات والشرائع.
  وتدل على وجوب النظر، وبطلان التقليد.
  وتدل على أن الأفعال حادثة من جهتهم حتى تفيد نصب الآيات، فيبطل قولهم في المخلوق.
  وتدل على أن نجاة المؤمن واجبة. عليه تعالى لذلك قال: «حَقًّا عَلَيْنَا» ولفظة (على) تنبئ عن الإيجاب، و (حَقًّا) تنبئ عن الوجوب، خلاف ما يقوله بعضهم أنه لا يجب عليه شيء، وفي قوله: «حَقًّا عَلَيْنَا» إشارة إلى أن تمكين الظالم لا يصح إلا بشرط ضمان الانتصاف منه للمظلوم.
قوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ١٠٤ وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١٠٥ وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ١٠٦ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ١٠٧}