قوله تعالى: {قل ياأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل 108 واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين 109}
  أحدهما: أن المَضَارَّ تنفر منها النفس، كما أن النعم تسر منها النفس، فالواجب في أحدهم الصبر، وفي الآخر الشكر، وأحدهما نفع في الحال، والآخر عاقبته نفع، فلذلك فصل.
  والثاني: أن من المضار ما يكون عقوبة، والخير لا يكون إلا رحمة.
  ومتى قيل: كيف قيل: «فلا راد لفضله» ونحن نرى كثيرًا من الظلمة يردون فضل اللَّه عن الناس؟
  قلنا: لا يقدر أحد على رد فضل اللَّه، ولكن يمنعون بعض الضعفاء عنه، كالأرزاق يخلقها اللَّه تعالى، وهذا كالشمس يخلقها اللَّه تعالى وينورها لعباده فلا يقدر أحد على رد ضيائها، ولكن يمنعه من الانتفاع به.
  «يُصِيبُ بِهِ» بالخير «مَنْ يَشَاءُ» فيعطيه على ما يعلمه من المصالح «وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» الغفور لمن تاب من ذنبه فلا يعاقبه، ويستره عليه، رحيم بالإنعام على خلقه، وقيل: لما ذكر المضار، وفيه العقوبات استدعى إلى التوبة بأنه غفور رحيم.
  · الأحكام: تدل الآية على النهي عن الشك في الدين، وعبادة غير اللَّه.
  وتدل على أن للقدرة على النفع والضر مدخلاً في استحقاق العبادة، وهو أن يقدر على أصول النعم كالخلق والحياة، والشهوة والنعم، ولا يقدر عليه غيره تعالى، فلا يستحق العبادة إلا هو.
  وتدل على أن هذه العبادات فعل العباد، لذلك تعلق به الأمر والنهي، ولو كان خَلْقَهُ لما صح ذلك.
قوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ١٠٨ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ١٠٩}