قوله تعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل 12 أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين 13 فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون 14}
  وقيل: تقديره: أم يقولون ما تقدم من أمر الملائكة والكنز، أم يقولون هذا الثاني، عن أبي مسلم.
  «بعضَ» نصب بـ «تارك»، فإن تركت التنوين كسرت (بعض) على الإضافة. «أن يقولوا» قيل: معناه: لأن يقُولُوا.
  · النزول: قيل: إن أهل مكة قالوا لرسول اللَّه ÷: إن كنت رسولاً فَحَوِّلَ لنا جبال مكة ذهبًا لنستغني فإنا نراك فقيرًا، أو ائتنا بالملائكة يشهدون لك بالنبوة.
  وقيل: قالو: ائتنا بكتاب ليس فيه سب آلهتنا.
  وقيل: قائل هذا عبد اللَّه بن أبيّ أميّة المخزومي، ففي ذلك نزلت الآية.
  · المعنى: ثم أمر اللَّه تعالى رسوله بالثبات على الأمر، وحجاج القوم بما يقطع العذر، فقال سبحانه: «فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ»، قيل: اللفظ لفظ الشك، والمراد الزجر، والعرب تقول للرجل إذا أراد إبعاده عن أمر: لعلك تقدر أن تفعل كذا، وهو لا يظن بصاحبه الشك، والمراد به النهي، ويقول لولده: لعلك تقصر فيما أمرتك به، يريد توكيد الأمر، فمعناه: لا تترك بعض ما أوحي إليك، ولا تترك الإبلاغ، ولا يضيق قلبك باقتراحاتهم، فإن ذلك عادة الجهال ظنوا أن النبوة ربوبية يقدر النبي [بها] على كل شيء، ولم يعلموا أن عليه الإبلاغ فقط، وهذا معنى قول أبي علي وأبي مسلم.
  ومتى قيل: كيف نهاه عن ترك الإبلاغ، وهو لا يترك؟
  فجوابنا فيه من وجهين:
  أحدهما: أنه نهاه ولولا النهي لكان يتوهم منه التقصير، فهو قادر عليه، وهذا