قوله تعالى: {أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون 35}
  · الأحكام: تدل الآية على جواز الجدال في الدين، وأنه طريقة الأنبياء مع أممهم.
  وتدل على بطلان التقليد.
  وتدل على أن [إسناد] إنزال العذاب إلى اللَّه دون الأنبياء.
  وتدل على أن النصح والعظة إنما تنفع مع القبول، فإذا لم تقبل لا تنفع.
  ومتى قيل: هل للمجبرة تعلق بقوله: «إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيكُمْ» في أنه يضل عن الدين، ويخلق فيهم الكفر والضلال؟
  قلنا: لا؛ لأن الإضلال عن الدين وخلق الكفر وإرادته قبيحة كالأمر، وإذا لم يجز أن يأمر بالكفر كذلك لا يجوز أن يخلق ويريد، ولأنه تعالى ذم فرعون والسامري والشيطان بأنهم يضلون عن الدين، فلو كان هو المضل عن الدين لما صح ذلك. وبعد، فإن ظاهر الآية لا يدل على قولهم؛ لأنه ليس فيها أنه فعل الغواية، أو دعا إليها أو خلقها، ولكن فيه أنه لا ينفع النصح إن كان اللَّه يريد غوايتهم، فأما وقوعه أو جوازه فليس في الظاهر، على أن المراد بالغي الخيبة، وقد بَيَّنَا ما قيل في معنى الآية. وبعد، فلو جاز أن يضل جاز أن يبعث من يدعو إلى الضلال، ولجاز أن يظهر المعجزة على الكذابين والضُّلَّال، ولجاز أن يكذب في أخباره، وكل ذلك يبطل قولهم.
قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ ٣٥}
  · اللغة: الجريمة والجرم: الذنب، وجرم وأجرم بمعنى، ورجل مجرم وجارم، وأصل الباب: القطع، قال الشاعر:
  طَرِيدُ عَشِيَرةٍ ورَهِينُ ذَنب ... بِمَا جَرَمَتْ يَدِي وَجَنَى لِسَانِي