قوله تعالى: {ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين 45 قال يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين 46 قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين 47 قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم 48 تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين 49}
  التوفيق والمعونة لئلا يكله إلى نفسه، وقيل: وقع منه صغيرة فاستغفر منها، وسأل المغفرة، فلما خربت الدنيا تعلق قلب نوح بما يؤول الأمر إليه، فقال سبحانه: «قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ» من السفينة «بِسَلامٍ مِنَّا» أي: بسلامة ونجاة «وَبَرَكَاتٍ عَلَيكَ» يعني في الأقوات والذراري، فجميع الخلق من ذريته «وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ» أي: جماعة معك، وهم المؤمنون معه في السفينة، وقيل: أمم من ذرية من معك، وهم المؤمنون بعده «وَأُمَمٌ» جماعة ليسوا بمؤمنين، وإنما همتهم الدنيا «سَنُمَتِّعُهُمْ» في الدنيا «ثُمَّ يَمَسُّهُمْ» يصيبهم «مِنَّا» في الآخرة «عَذَابٌ أَلِيمٌ» وهم الكافرون، قال الحسن: هلك المتمتعون في الدنيا؛ لأن الجهل يغلب عليهم والغفلة، فلا يتفكرون إلا في الدنيا وعمارتها وملاذها «تِلْكَ» يعني القصة المتقدمة «مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيبِ» من أخبار ما غاب عنك «نُوحِيهَا إِلَيكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ»؛ لأنهم لما يكونوا أهل كتاب ولا سير، وقيل: إن المدة كانت بعيدة، والأخبار مندرسة «مِنْ قَبْلِ هَذَا» أي: من قبل هذا القرآن، وبيان القصة فيه، وقيل: من قبل هذا الإخبار والبيان «فَاصْبرْ» أي: على القيام بأمر اللَّه وتبليغ رسالته، وما تلقى من أذى الكفار كما صبر نوح «إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ» يعني خاتمة الخير والسعادة والنصرة للمتقين، فيكون لك كما كان لنوح، وقيل: الجنة لمن اتقى المعاصي، عن الأصم.
  · الأحكام: تدل الآيات على أن الموالاة في الدين وحرمة الاعتقاد أولى بالرعاية وآكد من النسب، ولذلك غلب ذلك في قوم نوح، فوالَى الأجانب في الدين، ونهيَ عن موالاة ابنه.
  وتدل على أنه لا يجوز على الأنبياء أن يسألوا شيئًا إلا بإذن اللَّه.
  ويدل قوله: «من الجاهلين» على قبح الجهل، وهو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به، وذلك قبيح على كل حال.