قوله تعالى: {ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين 45 قال يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين 46 قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين 47 قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم 48 تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين 49}
  وتدل على وجوب الاعتصام بِاللَّهِ عند نزول الشدائد، وأن غيره لا يغني عنه شيئًا.
  وتدل على إن الإخبار بهذه القصة لطف لهذه الأمة من وجوه:
  منها: العلم بمواضع الخطيئة.
  ومنها: الاعتذار من التوبة.
  ومنها: الجد في تعلم الدين.
  ومنها: اجتناب الجهل.
  ومنها: أن الموالاة تجب في الدين إلى غير ذلك.
  وتدل على معجزة حيث أخبر عن غوامض الأخبار، مع بُعْدِ العهد من غير أن يقرأ كتابًا أو يسمع خبرًا.
  ومتى قيل: أليس الطوفان شمل غير المكلف؟
  قلنا: بلى، ولكن لم يكن عقوبة لهم، بل ماتوا بآجالهم، وإنما كانت عقوبة للكفار، عن الضحاك وجماعة، [وهو قول] مشايخنا.
  ومتى قيل: أليس المجوس تنكر الطوفان؟
  قلنا: لأنه ليس لهم كتاب ولا نبي، وإنما أخذوا من كذاب أتاهم بأمور باطلة كزرادشت وماني، ومزدك، وأمثالهم، وقيل: أيامهم نشأت بعد الطوفان.
  ومتى قيل: فلم كرر هذه القصص؟
  قلنا: ليس بتكرار [إذْ] لم يكرره في مجلس، بل كانت تختلف الأحوال والمجالس في ثلاث وعشرين سنة.
  وقيل: أعادها للمصلحة، وللحاجة إليها.