التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير 63 وياقوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب 64 فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب 65}

صفحة 3521 - الجزء 5

  [أسكنكم] فيها، عن قتادة «فَاسْتَغْفِرُوهُ» أي: اطلبوا منه المغفرة، واجعلوا ذلك مقصودكم، ثم توصلوا إليه بالتوبة، وقيل: استغفروا لما مضى ثم ارجعوا إليه بصالح أعمالكم في المستقبل، وقيل: دوموا على التوبة، وقيل: هما واحد «إِنَّ رَبّي قَرِيبٌ» الرحمة لمن استرحمه «مُجِيبٌ» لمن دعاه، وقيل: قريب لمن رجاه، مجيب لمن دعاه، فلما دعاهم صالح بهذا الدعاء الحسن والعظة البليغة، وانضم إليه الدلائل عدلوا عن ذلك، وأجابوا بجواب السفهاء، و «قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا» أي: كنا نرجو الخير من جهتك لما كنت عليه من الأحوال الجميلة قبل هذا القول، فالآن أيسنا منك، وقيل: كنا نرجوك، ونظنك عونًا لنا في ديننا، وقد خاب رجاؤنا بهذا القول الذي ابتدعته، وقيل: كنا [نرجوا أن] تكون فينا سيدًا، وروي أنهم كانوا يسمونه قبل النبوة الأمين، ثم زادوا في الجهالة فقالوا: «أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا» من الأوثان، أتاهم صالح بالحجج فقابلوها بتقليد الآباء «وِإنَّنَا لَفِي شَكٍّ مما تَدْعُونَا إِلَيهِ» من الدين «مُرِيبٍ» موجب للتهمة أهو حق أم لا؟ قال الأصم: الريبة أشد من الشك، وقال غيره: الريبة تكون مع تهمة.

  · الأحكام: تدل الآية على أن صالحًا دعاهم إلى توحيد اللَّه وعبادته، وأنه نبههم على نعمه المتضمنة لدلائله، فمن هذا الوجه تدل على أن العبادة تستحق بالقدرة على النعم.

  وتدل على فساد التقليد، وأنه ليس بحجة.

  وتدل على أن عبادتهم الأوثان والشك في الدين فِعْلُهُمْ، وليس بخلق اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ٦٣ وَيَاقَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ٦٤ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ٦٥}