قوله تعالى: {قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير 63 وياقوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب 64 فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب 65}
  قلبت الواو ياء لأجل المقاربة في حروف العلة؛ لأن المقاربة في الحروف الصحيحة يجوز لها الإدغام، فلما انضاف إلى ذلك حرف العلة وجب القلب لا محالة.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى جواب صالح، فقال سبحانه: «قَال يَا قَوْم أَرَأَيتُمْ» تنبيه للمخاطب على التفكر، وقيل: تقديره: إنكم تكذبونني وتتهمونني، فأَي شيء تعملون لو كنت على بينة وحجة، وقيل: تقديره: أعلمتم من ينصرني من اللَّه إن عصيته بعد بينة أتتني من ربي، ونعمة أنعم بها علي «إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ» حجة «مِنْ رَبِّي» قيل: دلالات فيما أدعوكم إليه من التوحيد، وقيل: معجزة تدل على صحة نبوتي «مِنْ رَبِّي» أي: من جهة ربي؛ لأنه ينصب الأدلة ويظهر المعجزة «وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً» أي: أعطاني رحمة النبوة والعلم والحكمة «فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيتُهُ» أي: يمنعني عذابه إذا عذبني عند عصياني «فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيرَ تَخْسِيرٍ» قيل: معناه: أنتم باحتجاجكم في عبادتكم بفعل آبائكم ما تزدادون إلا خسارًا، عن مجاهد، وقيل: لا تزيدونني إلا بصيرة في خسارتكم، عن ابن عباس. وقيل: إن أجبتكم إلى ما تدعونني إليه من عبادة غير اللَّه لهوانكم كنت بمنزلة من يزداد الخسران، في معنى قول الحسن والأصم وأبي علي، وقيل: لا ينصرني أحد من دونه، وإن استنصرت بكم فما تزيدونني إلا سوءًا وخسارا، وقيل: ما تزيدونني بما تقولون إلا نَسبِي إياكم إلى الخسار، ومعنى خسارا قيل: نقصانًا، وقيل: تضليلاً، عن الفراء، وقيل: الخنا والقول القبيح «وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ» يعني: إن شككتم بنبوتي فهذه ناقة اللَّه «لَكُمْ آيَةً» أي: حجة، وإنما سميت ناقة اللَّه؛ لأنه لم يكن لها مالك، ولأنه رفع عنهم مؤنتها، ولأنه اتخذها آية وحجة، ووجه الحجة فيها: أنه تعالى أخرجها لهم من جوف صخرة