التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز 66 وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين 67 كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود 68}

صفحة 3526 - الجزء 5

  الجاثم: البارك بالأرض، قال أبو مسلم: أصله السكون، وجثم الطائر: إذا سكن في وكره، ورجل جُثْمَة، وجَثَّامَةٌ: للنؤوم.

  والعزيز: القادر على منع غيره من غير أن يقدر [هو] على منعه، وأصله: المنع عن الشيء: إذا قلَّ، أي: امتنع بقلته، ومنه العَزَاز: الأرض الصلبة، وهي الأرض الممتنعة بالصلابة، والتعزز بفلان: الامتناع به، ومنه: مَنْ عَزَّ بَزَّ، أي: مَنْ غَلَبَ سَلَبَ.

  والصيحة: الصوت العظيم من الحيوان، قال أبو علي: الصيحة لا تكون إلا حدوث صوت في فم حيوان.

  وغنى بالمكان: أقام به، ومنه: المغاني: المنازل، سميت بذلك لاكتفاء الناس بها؛ لأن أصل الغنى الكفاية.

  · الإعراب: ذُكِّر (أخذ)، وإن كانت الصيحة مؤنثة؛ لأنه حمل على المعنى، والصيحة والصياح واحد، ويجوز تأنيثه بالحمل على اللفظ، كما جاء في موضع آخر، والألف استفهام دخلت على (لا)، ومعناه التنبيه، فالألف لا تقتضي نفي معنى، ولا تبقيه، فاقتصر بهما على التنبيه، كأنه يثبت معنى، وينفي غيره.

  ويُقال: لمَ جاز صرف (ثمود) في حال النصب دون الجر والرفع؟

  قلنا: لأنه لما جاز الصرف وترك الصرف اختير الصرف في النصب؛ لأنه أخف الحركات.

  · المعنى: ثم ذكر تعالى بقية قصة صالح وهلاك قومه، فقال سبحانه -: «فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا»