قوله تعالى: {قالت ياويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب 72 قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد 73 فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط 74 إن إبراهيم لحليم أواه منيب 75 ياإبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود 76}
  «قَالُوا» يعني الملائكة لها «أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ» أي: لا يُتَعَجب من أمر الله إذ أراد أمرًا، فإنه قادر على ما يشاء، وقيل: أتعجبين من أن يفعل اللَّه تعالى ذلك بك وبزوجك، عن أبي علي، وهو الوجه، يدل عليه ما عقبه من الكلام فقال سبحانه: «رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهِ» يعني خير الدين والدنيا ونماؤها، وبقاؤها منه تعالى، وقيل: هو دعاء لهم بالرحمة والبركة، وقيل: تذكر بالنعمة «عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ» أي: أهل بيت إبراهيم «إِنَّهُ» تعالى «حَمِيدٌ» محمود على أفعاله الحسنة، ونعمه الجمة «مَجيدٌ» كريم رفيع القدر، وقيل: واسع القدرة والنعمة، عن أبي مسلم، وقيل: حميد الفعل في إكرام من يطيعه، مجيد واسع العطاء على عباده، وقيل: قالت سارة لجبريل: ما آتيه؟ فأخذ بيده عودًا يابسًا فلواه بين أصابعه فاهتز أَخْضَرَ، عن السدي «فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ» أي: الخوف، وأمن كل مكروه «وَجَاءَتْه الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا» أي: أخذ يجادلنا قيل: يجادل رسلنا من الملائكة، عن الحسن وجماعة، وقيل: يسألنا ويكلمنا في قوم لوط، فعبر بلفظ المجادلة.
  واختلفوا بأي شيء جادل على أقوال:
  أولها: أن قال: «إن فيها لوطا» فقالوا: «نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله»، عن الحسن.
  والثاني: أنه سألهم أيعذبون، وفيهم خمسون من المؤمنين؟ قالوا: لا، فَلَمْ يزل يسألهم حتى قال: إن كان فيهم رجل من المسلمين؟ فقالوا: لا، إن فيها لوطًا، عن قتادة، وقيل: لما قال خمسة، قالوا: لا، قال فأربع قريات فيها أكثر من أربعمائة ألف نفس، ما فيها خمسة مؤمنون، ما عند هَؤُلَاءِ خير، عن الأصم.
  وثالثها: جادلهم بأي شيء استحقوا عذاب الاستئصال؟ وهل ذلك واقع لا محالة؟ أو هو تخويف؟ وبأي شيء يهلكون؟ وكيف ينجي اللَّه المؤمنين؟ عن أبي علي.