التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالت ياويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب 72 قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد 73 فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط 74 إن إبراهيم لحليم أواه منيب 75 ياإبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود 76}

صفحة 3536 - الجزء 5

  ورابعها: أنه جادل في تأخير العذاب عنهم إن كان الأمر ورد لا على وجه القطع، فلما أخبروه سكت.

  وخامسها: جادل في لوط وقومه: هل يهلكون معه محنة وابتلاء كإهلاك الذراري، أو يؤمرون بالخروج من بين أظهرهم؟.

  «فِي قَوْمِ لُوطٍ» قيل: كانوا أربعة آلاف ألف، عن ابن جريج، وقيل: لم يكن فيهم مؤمن إلا أهل بيت لوط، وفيهم امرأة كافرة «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ» هذه إشارة إلى أن تلك المجادلة لم تكن من باب ما يُكْرَهُ؛ لأنه مدح إبراهيم بذلك، بل كان في أمر يتعلق بالحلم، وذلك أنه رأى الخلق الكثير يدخلون في النار فتأوه لهم، حليم لا يعجل بالعقوبة «أَوَّاهٌ» قيل: وجاع للتأوه، وقيل: رحيم، عن الحسن، وقيل: دَعَّاء، عن الفراء، وقيل: متأوه من خوف النار، عن أبي علي، وقيل: آسف، عن أبي مسلم، يعني أسف على هلاكهم، لمحبة أن يؤمنوا «مُنِيبٌ» قيل: راجع إلى اللَّه بالطاعة له، وقيل: يرجع في أموره إليه، متوكل عليه، عن أبي علي، وقيل: حليم عمن جهل، رحيم يطلب النجاة لهم، مجتهد بالطاعة «يَا إِبْرَاهِيمُ» قيل: قالت الرسل: يا إبراهيم، ويحتمل أنه تعالى أوحى إليه أن «أَعْرِضْ عَنْ هَذَا» أي: عن الجدال «إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ» قيل: عذابه نازل بهم لا محالة، عن الأصم، وقيل: أمره جاء قطعًا باستئصالهم، عن أبي علي «وَإنَّهُمْ» يعني قوم لوط «آتِيهِمْ» نازل بهم «عَذَابٌ غَيرُ مَرْدُودٍ» أي: غير مرفوع، ولا ممنوع عنهم.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه لا يتعجب من خلق الولد بعد الكبر؛ لأنه مقدور لله تعالى.