التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب 77 وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد 78}

صفحة 3539 - الجزء 5

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى مجيء الملائكة إلى لوط بعد خروجهم من عند إبراهيم وما جرى بينهم وبين قوم لوط، فقال سبحانه: «وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا» يعني الملائكة «لُوطًا سِيءَ بِهِمْ» قيل: ساءه مجيء الملائكة؛ لأنه خاف عليهم من قومه، وقيل: إنما ساءه لأن قومه كانوا خوفوه بالقتل إذا دخل ضيفٌ دَارَهُ، وقيل: ساءه لضيق يده، وقيل: لفعل قومه، فخاف على أضيافه منهم، وكانوا صِبَاحَ الوجوه، وقيل: جاؤوا على صور الأضياف ليعاينوا ضيفهم، وقيل: كان تشديدًا في التعبد لأولئك السفهاء «وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا» قيل: ضاق صدره بهم خوفًا وحزنا؛ إذْ لم يجد مخلصًا من مكروه قومه، وقيل: انقطعت حيلته، ولم يقدر على شيء يضيفهم، ونسب ذلك إلى الذراع على عادة العرب في وصف القادر أنه منبسط اليد والذراع، عن أبي مسلم، وقيل: ضاق بحفظهم عن قومه، عن أبي علي «وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ» شديد في الشر، وأضاف الشدة إلى اليوم؛ لأنها وقعت في اليوم، كما تضاف الشدائد إلى يوم القيامة، وإنما قال ذلك لأنه لم يعلم أنهم رسل اللَّه، وعلم من قومه ما هم عليه، ولم يجد ما يدفعهم، فتحير في ذلك، ودخلوا معه منزله، ولم يعلم بهم أحدًا إلا أهل بيته، وقيل: أتوه في نصف النهار، وهو في أرض يستعمل، فاستضافوه، فانطلق معهم، فلما مشى ساعة قال لهم: ما بلغكم من أمر هذه القرية، قالوا: وما أمرهم؟ قال: أشهد بِاللَّهِ أنها لشر قرية. عملاً قالها أربع مرات، وكان اللَّه تعالى أمرهم ألا يهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات، عن قتادة، والسدي، وقيل: جعلهم بين ماشيته وألقى عليهم لباسًا من صوف ليخفيهم من قومه حتى أتى بهم إلى منزله، وكانوا أتوه وهو في ماشيته يرعى، عن أبي علي «وَجَاءَهُ قَوْمُهُ» قيل: خرجت