التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب 81 فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود 82 مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد 83}

صفحة 3545 - الجزء 5

  قيل: أتوا بابه وهم معه في الدار، وهو يناظرهم ويناشدهم من وراء الباب، وهم يعاجلون تسور الجدار، عن ابن عباس وجماعة، فعند ذلك قال جبريل: افتح الباب، ففتح الباب ودخلوا فضرب بجناحه وجوههم، فطمس أعينهم، عن قتادة، فصاروا لا يهتدون إلى بيوتهم، فانصرفوا يقولون: النجا النجا، فإن في بيت لوط أسحر قوم في الأرض، فلما علم لوط أنهم ملائكة قال لهم: متى موعد هلاكهم؟ قالوا: الصبح، ثم قالوا له: «فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ»، أي: سِرْ بأهلك ليلاً، قيل: كان لوط وابنتاه، عن الأصم «بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيلِ» قيل: بطائفة، عن ابن عباس، وقيل: بل هو نصف الليل، عن أبي علي، كأنه قطع بنصفين، وقيل: ببقية، عن الضحاك «وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكمْ أَحَدٌ» قيل: لا تنظروا، عن مجاهد، كأنهم تعبدوا بذلك للنجاة بالطاعة في هذه العبادة، وقيل: لا يلتفت أحد إلى ماله وأهله، عن الأصم، وقيل: لا يلتفت إلى متاعه بالمدينة، وأسرعوا في الخروج، ولم يلتفتوا التفات الرؤية، عن أبي علي، وقيل: أمرهم بألَّا يلتفتوا إذا سمعوا الوجبة والهدة «إِلَّا امْرَأَتَكَ» قيل: التفتت حين سمعت الوجبة فقالت: يا قوماه فأدركها حجر فقتلها، وقيل: إلا امرأتك لا تَسِرْ بها، وقيل: تلفت فتهلك، «إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ» قيل: هلكت بعد هلاكهم فلذلك قال يصيبها ما أصابهم، قيل: إن العذاب يعمهم «إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ» أي: وقت الصبح «أَلَيسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ» قال: لما طمس على أعينهم قالوا: يا لوط وصلتنا بمن سحرنا إن أصبحت لتعلمن. فقال لوط لجبريل #: عَجِّلْ هلاكهم، فقال: إن موعدهم الصبح، والصبح قريب «فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا» فيه ثلاثة أقوال:

  الأول: جاءت الملائكة.

  الثاني: جاء أمرنا بالعذاب.

  الثالث: العذاب جاء، وهو نفس الهلاك.

  «جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا» قيل: لما كان وقت الصبح أدخل جبريل جناحه تحت