التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب 81 فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود 82 مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد 83}

صفحة 3546 - الجزء 5

  الأرض فرفع أرضهم حتى سمع من السماء صياح الديكة ونباح الكلاب، ثم قلبها وأمطر عليها الحجارة، فعلى هذا «جعلنا»، أي: جعل أمرنا، فأضافها إلى نفسه لأنه أَمَرَ به، وقيل: إنه تعالى قلب تلك المدائن، وهو الظاهر، «وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا» قيل: قلبهم وأمطر عليهم الحجر، وقيل: من لم يمت منهم أرسل عليهم الحجر، وقيل: أرسل الحجارة على من لم يكن في قريتهم، عن أبي علي. «مِنْ سِجِّيلٍ» فيه أقوال شتى:

  أولها: حجارة صلبة ليست من جنس الثلج والبرد، وهي فارسي معرب «سنْك وكْل»، عن ابن عباس، وقتادة، وسعيد بن جبير، ووهب. قال مجاهد: أولها حجر، وآخرها طين، قال الأزهري: لما عربته العرب صارت عربية، وقد أُعِرْبَتْ حروف كثيرة كالديباج والديوان.

  وثانيها: شديد من الحجارة عن أبي عبيدة وغيره، وأنشد لابن مقبل:

  ضرْبا تَواصَى بهِ الأبْطَالُ سِجِّينَا

  إلا أن اللام قلبت نونًا، والعرب تعاقب بين النون واللام.

  وثالثها: سجيل أي: مثل السجيل في الإرسال وهو الدلو.

  ورابعها: مرسلة عليهم من أسجلته إذا أرسلته.

  وخامسها: من أسجلته، أي: أعطيته، تقديره: من مثل العطية في الإدرار، وقيل: كان كتب عليها أسامي المعذبين.