قوله تعالى: {قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز 91 قال ياقوم أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون محيط 92 وياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب 93 ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين 94 كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود 95}
  والمكانة: الحال الذي يتمكن بها صاحبه من عمله، يقال: لفلان عندي مكانة، وهو مكين: يريد منزلته.
  والارتقاب: الانتظار، وهو طلب ما يأتي بتعليق النفس به، رقبه يرقبه رقوبًا، وارتقبه ارتقابًا، والجثوم: الجثو على الركب.
  · الإعراب: موضع (مَن) في قوله: «مَنْ هُوَ كَاذِبٌ» من الإعراب فيه وجهان:
  الأول: محله نصب، والعامل فيه: (العلم)، تقديره: فسوف يعلمون من كذب، أي: الكاذب، وقيل: العامل: (يخزيه) أي: يخزي من هو كاذب.
  الثاني: محله رفع تقديره: ومن هو كاذب، فيعلم كذبه، ويذوق وبال أمره.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما قابلوا به شعيبًا في أدائه وموعظته من الرد حين أوبقوا أنفسهم، فقال سبحانه: «قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ» قيل: معناه ما نقبل كثيرًا، وقد فهموه، فجعلو (لا نفقه) مكان لا نقبل، وقيل: لا نعلم ما تقول من التوحيد، وقيل: لا نفقه صحة ما تقول، ولا معناه، عن أبي علي، وقيل: إنك لا تهدي، ولا ندري ما معنى كلامك، وبهتوه، عن الأصم «وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا» قيل: هينًا، عن الحسن، وقيل: ضعيف البصر، عن سفيان، وقيل: أعمى، عن سعيد بن جبير، وقتادة، وقيل: ضعيف البدن، عن أبي علي، وقيل: لا عشيرة لك ولا مَنَعَةَ، ولست مِنْ كبرائنا، عن الأصم، واختلفوا فمنهم من قال: لا يجوز أن يكون نبي أعمى؛ لأنه يُنَفِّر، ولأنه لا يجوز في الأعمى أن يكون قاضيًا وشاهدًا، فكذلك النبي، ومنهم من قال: يجوز؛ لأنه لا تنفير فيه، فهو بمنزلة سائر العلل والأمراض، وإذا لم يقدح في الأداء فلا تنفير، فلا معنى للمنع، قال سفيان: وكان يقال لشعيب: إنه خطيب الأنبياء «وَلَوْلَا