قوله تعالى: {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق 106 خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد 107 وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ 108}
  وقال آخر:
  إِذا مَا القَارِظُ العَنْزيُّ آبَا
  قال تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}.
  فأما قوله: «إلّا مَا شَاءَ رَبُّكَ» فقد اختلف العلماء في مقدار المستثنى، والمستثنى [منه] على أقوال:
  أولها: إلا ما شاء ربك في مقدار موقفهم على رأس قبورهم والمحاسبة، فإنهم في ذلك الوقت ليسوا في الجنة، ولا في النار، عن الأصم، وأبي علي.
  وثانيها: إلا ما شاء ربك مدة بقائهم في الدنيا.
  وثالثها: الاستثناء يرجع إلى الزفير والشهيق، أي: لهم ذلك إلا ما شاء ربك من الأنواع الأخر.
  ورابعها: أن الاستثناء يرجع إلى كونهم في النار تقديره: إلا ما شاء ربك، فيخرجهم من النار والحميم إلى الزمهرير، ففي ذلك الوقت لا يكونون في النار.
  وخامسها: أن الاستثناء يرجع إلى الخلود، و (إلا) بمعنى (سوى)، كقولك: ما كان معي رجل إلا زيد، يعني سوى زيد، تقديره: خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلود، وسوى ما شاء ربك من الزيادة، عن أبي مسلم، وهي المدة التي لا تتناهى.
  وسادسها: أنه استثناء من الإخراج، وهو لا يريد إخراجهم، كقولك: أردت أن أفعل كذا إلا أن أشاء غيره، فالمعنى لو شاء أن يخرجهم لأخرجهم، ولكنه حكم أنهم خالدون فيها، قال الحسن: قد شاء اللَّه تخليدهم؛ لأنه حمله على طريق التأكيد.