التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين 7 إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين 8 اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين 9 قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين 10}

صفحة 3600 - الجزء 5

  طُولُ اللَّيَالِي أَسْرَعَتْ في نَقْضِي ... طَوَيْنَ طُولِي وطَوَيْنَ عَرْضِي

  فقال: أسرعت وطوين. لتأنيث الليالي، ولم يحمله على طول، وهو مذكر.

  · المعنى: ثم ابتدأ تعالى بقصة يوسف، فقال سبحانه: «لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ» أي: في شأنهم وخبرهم فحذف لدلالة الكلام عليه، «وَإِخْوَتِهِ» أولاد يعقوب، وكان ليعقوب اثنا عشر ابنًا لصلبه، وهم أولاد علات، ويوسف وبنيامين من أم واحدة، واسمها راحيل، فأما الباقون فقيل: لأمهات شتى، وقيل: لأم واحدة اسمها ليّا، حكاه الأصم. «آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ» قيل: حجة على هَؤُلَاءِ اليهود الَّذِينَ سألوا عن قصة يوسف على صدق محمد ÷ في نبوته، لأنه أخبر عن كتبهم بسرائر أخبارهم، ولم يعلم من جهتهم بل علم وحيًا، عن أبي مسلم، وروي أن اليهود سألوا النبي ÷ عن قصة يوسف، فأخبرهم بها كما في التوراة، فعجبوا، وقالوا: من أين لك هذا يا محمد؟ فقال: «علمنيه ربي»، وقيل: آيات أي: عبر ومواعظ حيث نالوه بالأذى حسدًا، ثم صار أمره إلى ما صار، ثم إنه عف عنهم وصفح، وقيل: للسائلين ولمن لَمْ يسأل، كقوله: {سَوَآءً لِلسَّائِلِينَ}. «إِذْ قَالُوا» يعني إخوة يوسف، قيل: شَكَا بعضهم إلى بعض ما عليه يعقوب من تقديم يوسف وأخيه فقالوا: «لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ» بنيامين «أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا» قال الأصم: وكان يعقوب لصغرهما يرحمهما ويقربهما، فاستثقلوا قرب يوسف من أبيه، وفرط محبته له «وَنَحْنُ عُصْبَةٌ» أي: جماعة وكانوا عشرة، قيل: نحن عصبة، فنحن أنفع لأبينا، وقيل: نحن عصبة لا نعجز بالاحتيال عليه «إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» أي: في ذهاب عن طريق الصواب الذي هو التعديل بيننا في المحبة، وقيل: خطأ في الرأي في أمر الدنيا والأولاد؛ إذ نحن أنفع له من يوسف وأخيه في القيام بأمواله ومواشيه وأمور دنياه وأعماله، ولم يريدوا الضلال في