قوله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين 7 إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين 8 اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين 9 قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين 10}
  الدين؛ لأنه لا يجوز على الأنبياء أن يضللوا نبيا، ولأنهم كانوا على دينه، ولأنهم كانوا يعظمونه غاية التعظيم، ولهذا طلبوا محبته، وقيل: أرادوا إنه لفي ذهاب عن طريق الآباء «مبين» بَيِّنٌ ظاهر.
  ومتى قيل: إذا قصدوا اكتساب محبة أبيهم فَلِمَ ذُمُّوا؟
  قلنا: لاكتسابهم ذلك من وجه يقبح.
  ومتى قيل: كيف قدمهما عليهم؟ وإن كان صوابًا، كيف عابوه؟
  قلنا: التقديم والتأخير في الرتبة طريقه الاجتهاد، فيعقوب قدم يوسف إما لوحي، وإما كان لما يرجو منه من الأحوال، وإمّا لصغره ووفاة أمه، وإما لانقطاعه إليه، أو لميل إليه ميل طباع لحسن خُلُقه وخَلْقه وكياسته وذلك مباح، ولعل اجتهادهم أدى إلى أنهم أحق بالتقديم لسنهم وكفايتهم لأعماله، فلاختلاف الاجتهاد اختلفوا.
  ومتى قيل: كيف جاز مثل هذا عليهم، وهم أنبياء؟
  قلنا: قيل: كانوا مراهقين، ولم يكونوا بالغين، عن أبي علي، يدل عليه «يرتع ويلعب»، وقيل: كانوا بالغين، ووقعت منهم صغيرة، عن الحسن.
  «اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ» أي: ألقوه موضعًا «أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ» قيل: تآمروا في أمره، فقالوا: اقتلوه، أو اطرحوه، أو ألقوه موضعًا، واختلفوا من قال هذا على قولين:
  أحدهما: أن بعض إخوته قال ذلك.
  والثاني: أنهم شاوروا أجنبيًّا فأشار عليهم بقتله، ولم يقل ذلك إخوته.
  فأما من قال بالأول أنهم إخوته فقيل: قال ذلك شمعون، عن وهب، وقيل: روبيل عن مقاتل.