قوله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين 7 إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين 8 اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين 9 قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين 10}
  «أرضًا» قيل: إلى أرض لا يصير خبره إليه، فيصير كالميؤوس منه، وقيل: أرضًا، تأكله السباع، أو يهلك «يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ» أي: يخلص لكم خاليًا من يوسف، فإنه شغله عنا «وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ» من بعد قتل يوسف أو غيبته «قَوْمًا صَالِحِينَ» قيل: تائبين يعني نتوب بعد قتله فنعود إلى الصلاح، عن جماعة من المفسرين، وهو قول أبي علي، وقيل: أرادوا صلاح الدنيا، وهو أنه عند فقد يوسف يعود حالهم مع أبيهم إلى الصلاح، والأول أقرب؛ لأنه ذكر عقيب معصية.
  ومتى قيل: هذا يدل على بلوغهم وعلمهم بالوعيد؟
  قلنا: المراهق قد يعلم ذلك خصوصًا إذا كان ولد نبي يسمع عن أبيه.
  «قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ» أي: من إخوته على جهة المشورة، قيل: هو روبيل، وكان ابن خالة يوسف، عن قتادة، وابن إسحاق، وكان أحسنهم رأيًا فيه، ونهاهم عن قتله، وقيل: هو يهوذا، عن الأصم، والزجاج، وكان أقدمهم في الرأي والفضل وأسنَّهم، عن الأصم «لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ» أي: قال لهم: لا تقتلوه فَقَتْلُهُ عظيم، ولكن اجعلوه في جُبٍّ، وإنما قال ذلك رجاء أن يَسْلَمَ، أو يأخذه بعض السيارة، فيبعد عن مكروه الإخوة «غَيَابَتِ الْجُبِّ» قيل: إلى قعر الجب بحيث يغيب، عن قتادة، والحسن، والألف واللام للعهد؛ لأنه لم يرد الجنس، فلا بد أن يكون معهودًا لهم، عن أبي مسلم، واختلفوا في ذلك الجب، فقيل: إنه بئر ببيت المقدس، عن قتادة، وقيل: بأرض الأردن، عن وهب، وقيل: بين مدين ومصر، عن كعب، وقيل: على ثلاث فراسخ من منزل يعقوب «يَلْتَقِطْهُ» يأخذه لقطة «بَعْضُ السَّيَّارَةِ» مارةِ الطريق والمسافرين، فيذهب به إلى ناحية أخرى «إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ» شيئًا مما تقولون في يوسف، فليكن هذا فعلكم، فإنه دون القتل والإتلاف، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: يدل قوله: «آيَات للسائلين» أنه ÷ سئل عن شأنهم وقصتهم.
  وتدل أن بعضهم أشار بقتله، وقد بينا ما قيل فيه، فمنهم من قال: كان من الإخوة، وكان صغيرًا، وهو قول أبي علي، ومنهم من قال: لم يكن منهم، ومنهم من قال: يجوز أن يكون ذلك الواحد منهم لم يكن مرشحًا للنبوة.