التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجاءوا أباهم عشاء يبكون 16 قالوا ياأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين 17 وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون 18}

صفحة 3612 - الجزء 5

  بالاتفاق، واختلفوا في المسابقة على الأقدام، فقال أصحابنا: يجوز بعوض وغير عوض، ولأصحاب الشافعي فيه وجهان: أحدهما: يجوز، والآخر: يجوز بعوض، واختلفوا في الصراع على هذا الخلاف، فأما العوض في الموضع الذي يجوز كيف يلزم، فعندنا يلزم بالمسابقة، وليس العقد بلازم، وقال الشافعي: هو عقد لازم.

  · الإعراب: يقال: أين جواب (لو) في قوله: «ولو كنا صادقين»؟

  قلنا: محذوف، دل عليه ما تقدم من الكلام، وهو قوله: «مَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا» تقديره: ولو كنا صادقين ما صدقتنا لاتهامك إيانا في أمر يوسف.

  «بدم كذب» كَسَرَ كذب؛ لأنه نعتٌ للدم، ومعناه: مكذوب فيه، يقال: هذا ماء سَكْب؟ وشراب صَب، يعني مسكوب ومصبوب، وقيل: في كذب، وقيل: بدم هو كذب، قال الفراء: ويجوز «كذبًا» بالنصب على تقدير: جاؤوا بالدم، وكذبوا كذبًا.

  (أمرًا) نصب ب (سولت)، والفاعل (أنفسكم)، ثم ابتدأ (فصبر)، وقد بينا ما قيل فيه.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالي ما قالوا حبن رجعوا إلى أبيهم، فقال سبحانه: «وَجَاءُوا أَبَاهُمْ» يعني إخوة يوسف انقلبوا إلى أبيهم «عِشَاءً» يعني ليلاً ليلبِّسوا على أبيهم، وليكونوا أجرأ على الاعتذار «يَبْكُونَ» قيل: لما سمع أصواتهم فزع، وقال: ما بالكم؟ «قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ» قيل: نَنْتَضِلُ في السباق في الرمي، عن الزجاج، وقيل: نستبق بالعدو ليبين أينا أسرع عدوًا، عن أبي علي، وقيل: نشتد، عن السدي، وروي أن في قراءة ابن مسعود (نَنْتَضِلُ) «وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا» أي: ما ننتفع به من الثياب والطعام وغيره «فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ» قيل: أكل الذئب يوسف، وقيل: عَرَّضُوا وأرادوا أكل الذئب المتاع، والوجه هو الأول «وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا» أي: بمصدق لنا فيما نقول «وَلَوْ