التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين 54 قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم 55 وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين 56 ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون 57}

صفحة 3664 - الجزء 5

  · القراءة: قرأ ابن كثير: «حَيْثُ نَشَاءُ» بالنون مضافًا إلى اللَّه تعالى لقوله: «مَكَّنَّا» و «نُصِيبُ» وقرأ الباقون بالياء مضافًا إلى يوسف لقوله: «يَتَبَوَّأُ».

  · اللغة: الاستخلاص: خلوص الشيء من شائب الاشتراك، كأنه يريد أن يكون خالصًا له، ومنه: المخلص، وفي حديث سلمان: «أنه كاتبه أهله على أربعين أوقية خلاص»، أي: ما اخلصته النار من الذهب، وكذلك الخلاصة.

  والتمكين من المكانة، وأصله من التمكين في الأمر، وهو ما يتمكن به من الأمر، يقال: له عند فلان مكانة، وهو مكين إذا كان له قدر وجاه يتمكن بها ما يروم.

  والتبوُّؤ: اتخاذ منزل يرجع إليه، وأصله من الرجع، باء: رجع.

  · الإعراب: الألف واللام في قوله: «الأرض» للعهد، دون الجنس، كأنه قال: خزائن أرضك.

  · المعنى: لما تبين للملك أمانة يوسف وبراءته وعلمه، أَمَرَ بإحضاره ليجعله من خلصائه على ما حكى اللَّه - تعالى، فقال سبحانه: «وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ» أي: أجعله خالصًا في تدابيري، ومهمات أموري «فَلَمَّا كَلَّمَهُ» وفيه حذف يعني فلما جاءه الرسول، وخرج من السجن، ودخل على الملك، وكلمه، فـ «قَالَ» الملك: «إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا» أي: عندنا «مَكينٌ» أي: متمكن فيما أردت «أَمِينٌ» فيما ائتمنت، وقيل: معناه مكين لتلك المنزلة الرفيعة، أمين بتبين براءتك، وقيل: كان ليوسف يومئذ