التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا ياأبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون 63 قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين 64 ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا ياأبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير 65 قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل 66}

صفحة 3673 - الجزء 5

  «نكتل»: أصله: نكتال، ذهبت الألف لالتقاء الساكنين اللذين أحدهما اللام، عن أبي مسلم.

  واللام في قوله: «لَتَأْتُنَّنِي» لام القسم.

  (ما) في قوله: «ما نبغي» قيل: (ما) الاستفهام، والمراد به الجحد، معناه: أي شيء نبغي، يعني «لا نبغي»، وموضعه نصب، وقيل: (ما) الخبر، والمراد به البغي، أي: لا نبغي فيما أخبرناك به الكذب، أجاز كلا الوجهين الفراء والزجاج.

  ويقال: ما موضع (أن) من الإعراب في قوله: «إلا أن يحاط بكم»؟

  قلنا: نصب بمعنى المفعول له، وتقديره: إلا الإحاطة بكم، كقولهم: لم تأتني إلا لأجل الدراهم، ولم تأتني إلا أن تأخذ الدراهم، عن الزجاج.

  · المعنى: لما تقدم الوعد منهم ليوسف في بنيامين عقبه بذكر ما جرى مع أبيهم في ذلك، فقال سبحانه: «فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيلُ» قيل: لما رجعوا قالوا ليعقوب: قدمنا على خير رجل، أكرمنا كرامة لو كان من ولد يعقوب ما أكرمنا مثله، فقال: إذا أتيتموه فأقرِئوه مني السلام، ثم قال: أين شمعون؟ قالوا: ارتهنه ملك مصر، وأخبروه بالقصة، فقال: ولم أخبرتموه؟ فقالوا: أخذنا وقال: إنكم جواسيس، وقصوا القصة، وقالوا: «يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ» قيل: منع زيادة الكيل على عدد الرؤوس؛ لأنه كان لكل واحد منهم حمل بعير، فمنعوا تمام ما أرادوا، وقيل: منع منا الكيل في المستقبل إن لم نأت بأخينا لقوله: {فَلَا كَيلَ لَكم عِندِي}، عن الحسن، وأبي علي، والأصم، والزجاج، وأبي مسلم، وهو الوجه، بينوا أنه إن لم