قوله تعالى: {فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا ياأبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون 63 قال هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين 64 ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا ياأبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير 65 قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل 66}
  أمرنا به في أخينا أمنا جانبه فيما وعدنا به، فإن أرسلته معنا نمير أهلنا؛ أي: نجلب الميرة، وهي الأطعمة التي تحمل من بلد إلى بلد «وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيلَ بَعِيرٍ» أي: نزيد على أحمالنا حمل بعير لأجله، وقيل: حمل بعير يعني: حمل حمار، وهي لغة يقال للحمار بعير، عن مجاهد، وهذا خلاف الظاهر «ذَلِكَ كَيلٌ يَسِيرٌ» قيل: قليل، فنحتاج إلى أن نضيف إليه كيل بعير أخينا، عن أبي علي، وقيل: يسير على من يكيل، لا مؤنة فيه ولا مشقة، عن الحسن، وقيل: إذا أتيناه بأخينا يسر علينا الكيل، عن الأصم، وقيل: سريع لا بخس فيه ولا يزيد، وهذا كله منهم بيان وجه الصواب في إرساله، فلما رأى يعقوب رد البضاعة، وتحقق عنده إكرام الملك إياهم عزم على إرسال ابنه معهم ف «قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ» قيل: تعطوني ما يوثق به من يمين أو غيره «مِنَ اللَّهِ» أي: بإشهاد اللَّه أو القسم بِاللَّهِ وعهده على أنفسكم، وقيل: تحلفوا لي بخاتم النبيين وسيد المرسلين محمد ÷، عن ابن عباس «إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ» إلا أن تهلكوا جميعًا، عن مجاهد، وقيل: إلا أن تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك، ولا تقدروا على دفعه {فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ} أعطوه عهدهم ويمينهم، قيل: حلفوا بمحمد ÷ ومنزلته من ربه، عن ابن عباس. {قَالَ} يعقوب (اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) أي: شاهد وحافظ بالوفاء، وقيل: كفيل، عن [القتبي]، وقيل: لما قال يعقوب «اللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا» و «اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ» قال تعالى: «وعزتي وجلالي لأردن عليك كليهما بعدما توكلت عليَّ».
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب التوكل على اللَّه في جميع مهماته وأموره، وقوله: «فاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا» كالدلالة على أنه أخبره بحياة يوسف، وأنه محفوظ محروس.
  وتدل على جواز أخذ العهد والميثاق.
  وتدل على أن الحفظ وترك الحفظ فعلهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.
  وتدل على أن العاقل ينبغي أن يصون نفسه عن مواضع التهم؛ لأن أولاد يعقوب