التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال يابني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون 67 ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون 68}

صفحة 3676 - الجزء 5

  لو لم يتقدم منهم في أمر يوسف ما تقدم ما قال لهم يعقوب ما قال، وقيل: لأنه #

  لوْ لم يثق بهم لما أرسله معهم -؛ لأنهم لما كبروا ندموا على ما كان منهم، ولم يصروا، وإنما عيرهم بحديث يوسف حثًا لهم على حفظ أخيه، وقد قال بعض أهل الحشو: إنه لم [يثق بهم] لكونهم مصرين غير نادمين، وهذا باطل لما ذكرنا.

قوله تعالى: {وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ٦٧ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ٦٨}

  · اللغة: الغنى: أصله الكفاية، ومنه: الغنى في المال مقصور؛ لأنه اكتفى به، وربما يمد لضرورة الشعر، والغِناء بكسر الغين. والمد: من الصوت، غنى يغنى غناء، والغَنَا بالمد وفتح الغين: الكفاية، وغني عن كذا فهو غان، وغنى القوم في دارهم أقاموا، ومنازلهم مغانيهم؛ لأنهم اكتفوا بها، والغانية: المرأة التي اكتفت بزوجها، وقيل: هي التي غنيت بجمالها عن الحلي، وغني به لأجله بطلب حاجته، وغني عنه: وجوده وعدمه سواء.

  والحكم: فصل الأمر، ونظيره: القضاء، وهو إتمامه، والفراغ منه.

  · الإعراب: (مِن) في قوله: «مِن شيء»، قيل: (من) توكيد، ومعناه: ما كان يغني عنهم من اللَّه شيء.