قوله تعالى: {وقال يابني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون 67 ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون 68}
  الأبناء قطعًا، ففعلوا ذلك، وقيل: اللَّه تعالى ذكر الحاجة وهي كثيرة فلم يبيِّن، فاللَّه تعالى أعلم بها، وقيل: خاف عليهم من الحسد والعين، وقيل: الحاجة هو إرادته أن يدفع اللَّه عن ولده، ويردهم إليه، فاجتهد لذلك، عن الأصم، وقيل: أراد أن يدخلوا سريعًا، ويخرجوا سريعًا، فلا يعوقهم عائق، وقيل: أراد إن لحقهم مكروه ألا يلحقهم جميعًا «وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ» أي: عالم بما آتاه من النبوة، وعلوم الدين، وتعليم اللَّه إياه بالحجج «لمَا عَلَّمْنَاهُ» قيل: لتعليمنا إياه، عن مجاهد، وقيل:
  لعالم بما علم، وقيل: لذو حفظ لما علمناه، والمعنى: أنه يعمل بالعلم لا بالجهل «وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» ما علمه يعقوب من دين اللَّه، عن أبي علي، وقيل: لا يعلمون حال يعقوب، وقيل: لا يعلمون فيقدمون على الأمور بجهالة.
  · الأحكام: تدل الآية على أن يعقوب أمرهم بالتفرق مخافة عليهم، وقد بَيَّنَّا ما قيل فيه، فجماعة المفسرين قالوا: خاف عليهم العين، وأنكر أبو علي ذلك، وقد أنكر ذلك جماعة من المتكلمين، ومنهم من جوزه، وروى فيه خبر أن النبي ÷ قال: «العين حق»، وكان يعوذ الحسن والحسين، ويقول: «أعيذكما من كل عين لَامَّة»، وروى الأصم في ذلك أخبارًا، فمنها ما روي أن بني جعفر بن أبي طالب كانوا غلمانًا بيضًا، فقالت أسماء بنت عميس: يا رسول اللَّه، العين إليهم سريعة، فاسترق لهم من العين، فقال، ÷: «نعم». وروي أن جبريل رقى رسول اللَّه ÷ وعلمه الرقية: «بسم اللَّه أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن كل عين حاسد اللَّه يشفيك». وروي عن النبي ÷ أن إبراهيم # عوذ ابنيه، وأن موسى عوذ ابني هارون، وأن النبي ÷ عَوَّذَ الحسن والحسين «أعيذكما بكلمات اللَّه التامة من كل شيطان وهَامَّة وعين لَامَّة»، وإذا وردت فيها الأخبار وروي عن السلف ولا يمنع منه العقل، فلا معنى للمنع.