قوله تعالى: {ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون 69 فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون 70}
  ثم اختلفوا في وجه الإصابة، فمنهم من قال: يخرج من عين العاين شعاعٌ يتصل بمن رآه، فيؤثر فيه تأثير السم، وهذا لا يصح؛ لأنه لو كان كذلك لما اختص ببعض الأشياء دون بعض، ولأن الشعاع جواهر، والجواهر متماثلة، ولا يؤثر بعضها في بعض، ونحن لا نقول: السم يؤثر، بل اللَّه تعالى أجرى العادة بالإماتة عند شرب السم، ولولا تلك العادة لجاز أن يكون السم غذاء، وقيل: هو فعل العائن يفعله فيه، وهذا لا يصح؛ لأن الجسم لا يصح أن يفعل في شيء إلا وبينهما مماسة، ولم يوجد ههنا، ولأنه لو كان فعله لوقف على اختياره، ولأن استحسانه للشيء لا يوجب أن يمرضه، وكيف والمرض والموت ليسا بمقدورين للعباد، وقيل: إنه فعل اللَّه تعالى بالعادة لضرب من المصلحة عند رؤية شيء واستحسانه فيمرضه أو يغيره أو يميته لطفًا ومصلحة، وهذا أقوى ما قيل فيه، وهو قول أبي هاشم والقاضي.
  وتدل على أن الواجب التوكل على اللَّه في جميع الأمور، ولا يَغْتَرّ بالاحتياط، بل يحتاط ويتوكل عليه، ويفوض أمره إليه.
قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٦٩ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ٧٠}
  · اللغة: أوى إلى منزله يأوي أويًا: إذا صار إليه، آويته أنا، آويه إيواء: إذا صيرته، والمأوى: مكان كل شيء، والإيواء أن تضمه إليك.