التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون 71 قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم 72 قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين 73}

صفحة 3685 - الجزء 5

  والتاء في قوله: «تاللَّه» حرف القسم، وحروف القسم ثلاثة: الباء وهو الأصل لذلك يدخل على جميع الظاهر والمكني، ثم الواو فرع عليه، فيدخل على الظاهر دون المكني، ثم التاء لا تدخل إلا على اسم اللَّه؛ لأنه بدل من بدل، فاختص بما هو أحق بالقسم، وهو اسم اللَّه، وقيل: الواو قلبت تاء كالتراث ونحوها.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما جرى بينهم بعدما سمع العير النداء، فقال سبحانه: «قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيهِمْ» قيل: لما سمعوا النداء يقول: قفوا، أقبلوا على المنادي، أي: أعطفوا عليهم بوجوههم، وقالوا: «مَاذَا تَفْقِدُونَ» أي: ما الذي ضل عليكم؟ قيل: فقالوا لهم: ألم نكرم ضيافتكم، ألم نُوَفِّكُمُ الكيل.

  فإن قيل: لم اتهموهم دون غيرهم؟

  قلنا: لأنهم نزلوا دارًا منفردين لا يدخلها غير رسل الملك، وكان الصاع فيها.

  قلنا: الوجه فيه أنهم جعلوا ذلك في رحله؛ فلذلك نادوا، وقيل: يحتمل أن من جعل فيه أخبرهم بما يوجب التهمة.

  «وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ» أي: بالصاع «حِمْلُ بَعِيرٍ» من الطعام «وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ» كفيل، يقوله المؤذن، وكان زعيم القوم يتكلم عنهم؛ فلذلك قال: (وأنا) بعدما قال: (تفقدون)، و (نفقد صواع الملك)، «قَالُوا» يعني إخوة يوسف «تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ» أيها القوم «مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ» قط.

  ومتى قيل: هل علم ذلك من حالهم أم لا؟ فإن لم يعلموا فكيف قال: «علمتم»؟ وإن علموا فكيف اتهموهم؟