· المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنهم لما يئسوا من يوسف كيف تناجوا فيما بينهم؟ فقال سبحانه: «فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا» أي: يئسوا، يعني: إخوة يوسف «مِنْهُ» قيل: من يوسف أن يجيبهم إلى ما سألوا ويرد أخاهم عليهم، وقيل: ييأسوا من أخيه بنيامين أن يُرَدَّ عليهم ومن نجاته، عن أبي مسلم «خَلَصُوا» أي: خلوا، وانفردوا حيث لم يكن معهم غيرهم «نَجِيًّا» يتناجون، ويتشاورون ماذا يفعلون، وقيل: تناجوا في محاربته، فلم يتفقوا على ذلك خوفًا من أن يقتل بعضهم، فيلحق أباهم من ذلك غم، عن أبي علي، وقيل: تناجوا في التفرق في البلاد، فلم يتفقوا لأَجْلِ أَبيهم، وتناجوا في المقام، فلم يتفقوا خوفًا من القحط على ما خلفوه، وتناجوا في الرجوع، فلم يتفقوا حياء من أبيهم، فاتفقوا على أن شيئًا من ذلك لا يتم إلا بمشاورة أبيهم، فعند ذلك قيل: «ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ» «قَالَ كَبِيرُهُمْ» روبيل، وقيل: كان أسنهم، عن ابن إسحاق، والضحاك، وقتادة، وهو ابن خالة يوسف، وهو نهى عن قتله، وقيل: شمعون، وكان رئيسهم، وأكبرهم في العلم والفضل، لا في السن، عن مجاهد، وقيل: يهوذا، وهو نهى عن قتله، عن الأصم «أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ» أي: عهدًا بِرَدِّ ابنه إليه «وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ» قصرتم، وقيل: قدمتم، يعني مع هذا سبق منكم «فِي يُوسُفَ» ما لا يمكن تلافيه «فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ» أي: لا أزال بهذه الأرض ولا أزول عنها، قيل: هي أرض مصر «حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي» في الرجوع «أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي» قيل: بالخروج، وترك أخي ههنا، وقيل: بالموت، وقيل: براءة ساحتنا ما يكون عذرنا عند أبينا، عن أبي مسلم، وقيل: يحكم لي بالسيف فأحارب من حبس أخي، عن أبي صالح، وأبي علي، وقيل: قال لهم: أنا أكون ههنا، واحملوا أنتم الطعام إليهم، وأخبروهم بما وقع «وَهُوَ خَيرُ الْحَاكِمِينَ» أي: أفضل مَنْ فَصَلَ بين الناس، وقيل: هو خير الحاكمين يعلمه ببراءة ساحتنا، عن الأصم «ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ» فصرفهم مع