التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم 83 وتولى عنهم وقال ياأسفا على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم 84 قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين 85 قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون 86}

صفحة 3700 - الجزء 5

  والكظم: اجتراع الغيظ، وهو أن [يُمْسِكَ] الحزن في قلبه، ولا يبثه إلى غيره.

  تفتأ: لا تزال، فَتِئَ يَفْتًأ فَتأً وفُتُوءًا، ويُقال: ما فَتِئْتُ أقول ذلك، قال أبو مسلم: تفتأ: تزال، سواء قولك: لا تزال، وتزال، قال أبو علي: ما فتئ زيد قائمًا، وما برح، وما زال بمعنى، وقد تستعمل هذه الحروف بحذف «لا»، و «ما»، فتقول: تزال، وإن كان القائل يعني ذلك، وإنما يحذف لعلم السامع به، كقول امرئ القيس:

  فَقُلْتُ يَمِينُ اللَّه أَبْرَحُ قَاعِدًا ... وَإِنْ قَطَّعُوا رَأْسِي لَدَيْكِ وَأَوْصَالِي

  الحَرَضُ: المشرف على الهلاك، ومنها: حَرَّضْتُهُ على كذا أمرته به؛ لأنه إذا خالف فقد هلك، والحارضة: التي لا خير عنده، حرض الشيء وأحرضه: أفسده، وأصل الباب: فساد الجسم والعقل، قال العرجي:

  إِني امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فَأَحْرَضَنِي ... حَتَّى بَلِيتُ وحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ

  والحرض المصدر لا يثنى ولا يجمع.

  والشكوى: صفة ما يجده من البلوى، شكوته شكوًا وشكاية، وشكوته فأشكاني: أي: أعتبتني من شكواي، وأشكاني: أحوجني إلى الشكوى.

  البث: تفريق الهم بإظهاره، بث ما في نفسه بثًا، وأبثثته إبثاثًا، وكل شيء فرقه فقد بثه، ومنه: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَآبَّةٍ}.

  · الإعراب: رفع «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ»؛ لأنه خبر ابتداء محذوف، تقديره: فشأني صبر، أو أمري صبر، وقيل: لأنه ابتداء وخبره محذوف، تقديره: فصبر أولى من الجزع، ولو نصب جاز على الأمر، والإغراء، قال الشاعر:

  شَكَا إِلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُرَى ... صَبْرًا جَمِيلاً فَكِلاَنَا مُبْتَلَى