قوله تعالى: {قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم 83 وتولى عنهم وقال ياأسفا على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم 84 قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين 85 قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون 86}
  مقاتل، وقيل: أشرف على العمى، فكان لا يرى إلا شيئًا يسيرًا «فَهُوَ كَظِيمٌ» مملوء من الحزن، والهم ممسك عليه، لا يبثه، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، والضحاك، ومجاهد، ومقاتل، وقيل: غمّ قد أحل بقلبه، عن أبي مسلم، وقيل: كظيم بالغيظ لِمَ أرسلَه معهم؟ عن السدي.
  واختلفوا كم بين خروج يوسف إلى يوم التقائه ثانية، قيل: ثلاثون سنة لم تجف عينه، عن الحسن، وقيل، وصل إليه بعد ستين سنة، وقيل: قال جبريل ليوسف: إن بصر أبيك قد ذهب من الحزن عليك فوضع يده على رأسه، قال: ليت أمي لم تلدني، ولم أك حزنا على أبي، حكاه الأصم «قَالُوا» يعني ولد يعقوب لأبيهم «تَاللَّهِ» قسم منهم «تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ» أي: لا تزال تذكر يوسف، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والحسن «حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا» قيل: مشرفًا على الهلاك، وقيل: دهشًا فاسدًا، لا عقل لك، عن ابن إسحاق، وقيل: دَنِفَ الجسمِ مخبولَ العقل «أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ» الميتين.
  ومتى. قيل: ما معنى قولهم لأبيهم هذا؟
  قلنا: قيل: ليكف عن البكاء إشفاقًا عليه، وقيل: تبرمًا من بكائه، لما نغص عليهم من العيش، فأجابهم يعقوب ف «قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو» أظهر شكواي «بَثِّي» همي، عن ابن عباس، وقيل: حاجتي، عن الحسن «وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ» قال لهم: أشكو إلى اللَّه في ظُلَمِ الليالي، وأوقات الخلوات، فلأي شيء تسخرون أنتم، وقيل: أوحى اللَّه إليه: (وعزتي لو كانا ميتين لأخرجتهما لك حتى تنظر إليهما). «وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ» قيل: أعلم أن رؤياه صادقة، وأنتم ستسجدون له، عن ابن عباس، وقيل: أعلم من إحسان اللَّه إليَّ ما يوجب حسن الظن، عن قتادة، وقيل: الأنبياء أعلم بِاللَّهِ من جميع الخلق، عن أبي مسلم، وقيل: أعلم أن يوسف حي، وقيل: لما أخبروه بسيرة الملك، وقع في نفس يعقوب فطمع، وقال: لعله يوسف، وقيل: إن ملك الموت دخل على يعقوب، فقال له: قبضت روح ابني يوسف؟ قال: لا، ذكره الأصم، قيل: أرسل اللَّه إليه ذئبًا فكلمه، فسأله هل أكلتم ابني؟ قال: لا، أما علمت أن لحوم الأنبياء حرام علينا.