قوله تعالى: {يابني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون 87 فلما دخلوا عليه قالوا ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين 88 قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون 89 قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 90}
  · الأحكام: تدل الآية أنه نزه ابنه عن السرقة؛ ولذلك قال: «بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ».
  وتدل على أن الواجب عند المحن والشدائد الصبر الجميل، والتوكل على الله.
  ومتى قيل: كيف اشتد حزنه مع كونه نبيًّا؟
  قلنا: لأنه أصيب بما لم يصب به غيره، بعث يوسف مع كماله، ففقد، ثم بعث بأخيه ففقد، فاشتد غيظه على نفسه وحزنه على ولده، عن أبي علي.
  ومتى قيل: كيف خفيت أخباره على طول المدة، وقرب المسافة؟
  قلنا: قال أبو علي: العلة في ذلك ظاهرة؛ لأنه حمل إلى مصر على أنه عبد، فمنع من الاختلاط، ثم وقع إلى العزيز، فألزمه الدار، ثم لبث في السجن بضع سنين، فانقطعت أخبار الناس عنه، فلما تمكن احتال في اتصال خبره بأبيه، ولم يأمن أن يبعث [رسولا ألَّا] يمكنه الإخوة من الوصول.
  وتدل على إباحة الحزن والبكاء، وروي أن النبي ÷ بكى على ابنه إبراهيم #
  وحزن، وقال: «تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب».
  وتدل على أن أفعال العباد فعلُهُم؛ لذلك قال: «سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ»، فيصح قولنا في المخلوق.
قوله تعالى: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ٨٧ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ٨٨ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ٨٩ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ٩٠}