التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يابني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون 87 فلما دخلوا عليه قالوا ياأيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين 88 قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون 89 قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 90}

صفحة 3706 - الجزء 5

  جوابها لام التأكيد، ألا ترى إلى. قوله: «لأنت يوسف» فجعل اللام جوابًا، عن أبي مسلم.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما أمرهم به يعقوب من طلب يوسف، فقال سبحانه: «يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ» قيل: استخبروا من شأنهما واطلبوا خبرهما، عن الأصم، وقيل: التمسوا، عن ابن عباس، وقيل: تَعَرَّفوا، عن أبي مسلم «مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ» قيل: توهم أن الذي احتال بهذه الحيلة يوسف؛ لأنه علم يقينًا أن ابنه لم يسرق، فبعثهم لطلب يوسف، وقال: انظروا مَنْ حَبَسَ ابني على أي دين، وكيف وقع بمصر، ومن أين هو؟ وتعرفوا خبر بنيامين، وماذا عمل؟ عن أبي علي، وقيل: علم أن يوسف حي، وبنيامين لم يسرق، فأمرهم بطلبهما، عن الأصم «وَلا تَيأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ» أي: لا تقنطوا من رحمته، عن قتادة، والضحاك، وقيل: من فرجه، عن ابن زيد «إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ» قيل: لأن من أيس من رحمة ربه فقد أساء ظنه بربه فيكفر؛ لأنه ظن أنه تعالى لا يرحمه، وإن رجع إليه واعتذر لذنبه، وهذا كفر، وقيل: لا ييأس من روح اللَّه في حال التكليف إلا الكافر والجاهل بربه، وإنما ذكر ذلك للحث على طلب الرحمة.

  ومتى قيل: أليس الفاسق يائسًا من رحمة اللَّه؟

  قلنا: لا؛ لأنه لو تاب لرحمه، وقيل: هو على التغليب فيدخل فيه الفاسق في الجملة، وقيل: معناه لا نصيب للكافر في رحمة اللَّه.

  «فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيهِ» وفيه حذف أي: خرجوا إلى مصر «فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ» يعني الملك، وكانوا يسمونه عزيزًا لمنعته، وتلطفوا في مسألته رجاء أن يرحمهم في شأن أخيهم لما نزل بأبيهم «مَسَّنَا وَأَهْلَنَا» أي أصابنا وقومنا المختص بنا «الضُّرُّ» قيل: الشدة والجوع والقحط، قيل: شكوا ما نالهم من هلاك مواشيهم،