التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين 99 ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم 100 رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين 101 ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون 102}

صفحة 3717 - الجزء 5

  وتدل على أن الذنب فعلُهُم لذلك حثَّ إلى الاستغفار فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  وتدل على أن لفظ القديم قد يطلق على المتقدم، وقد اختلفوا في حقيقة القديم، فقيل: الموجود لم يزل فيكون مجازًا في غيره، عن أبي علي، وقيل: المتقدم في الوجود، عن أبي هاشم، قال القاضي: ما قاله أبو علي أقرب إلى عرف المتكلمين، وما قاله أبو هاشم أقرب إلى اللغة.

قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ٩٩ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ١٠٠ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ١٠١ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ١٠٢}

  · اللغة: الرفع: النقل إلى جهة العلو، ونقيضه: الوضع.

  والعرش: السرير الرفيع، وأصله الرفعة، وقيل: أصله البناء، ومنه: {خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} وعَرَشَ الكَرْمَ: رَفَعَهُ.

  والخُرُورُ: السقوط والانحطاط على الوجه، يقال: خر سقط.

  والسجود: خضوع بوضع الوجه على الأرض، وأصله التذليل.

  وبدا: ظهر، وسميُ بُدُوًّا لظهور الشخص فيه من بعيد.