قوله تعالى: {فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين 99 ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم 100 رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين 101 ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون 102}
  والنزغ: الوسوسة، والنزغ: أن ينزغ بين قوم حتى يفسد ما بينهم، يقال: نزغ بيننا أي: أفسد. والفاطر: الخالق، وأصل الفَطْرِ: الشق، ومنه: فطر ناب البعير. والمكر والخديعة من النظائر.
  · الإعراب: ويقال: للأب وللأم أبوان، ولا يقال: أُمَّان، لتغليب المذكر على المؤنث، كما يغلب المفرد على المضاف في تثنية العمرين، ومنه: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} (آمنين) نصب على الحال، و (مِنْ) في قوله: «مِنَ الْمُلْكِ» و «مِنْ تَأْوِيلِ» قيل: صلة، وقيل: للتبعيض.
  «فاطرَ» نصب لأنه نداء مضاف كأنه قيل: يا فاطر فحذف لدلالة الكلام عليه.
  «رَبِّ» في محل النصب؛ لأنه نداء مضاف أي: يا رب، وإنما كسر؛ لأن المعنى ربي فحذف الياء «جعلها ربي حَقًّا» يعني الرؤيا، وهي مؤنثة.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى التقاء يوسف مع أبيه وإخوته، وما دعا به، فقال سبحانه: «فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ» وفي الكلام حذف، تقديره: فلما خرج يعقوب من أرضه وأتى مصر ودخل على يوسف، وقيل: إن يوسف بعث مع البشير باثنتي عشرة راحلة وما يحتاج إليه من السفر، وسألهم أن يأتوه بأهلهم، فتهيأ يعقوب للخروج إلى مصر، فلما دنا من مصر أمر بإعلام يوسف، فتلقاه يوسف في الجند وأهل المصر قال يعقوب: يا يهوذا، هذا فرعون مصر، قال: لا، هذا ابنك، ثم تلا الآية على ما قص اللَّه تعالى، فقال: «فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ» يعني يعقوب وإخوته «آوَى إِلَيهِ» ضم إليه «أَبَوَيْهِ» قيل: أباه وأمه، وكانا حيين، عن ابن إسحاق، وأبي علي، وقيل: أبوه وخالته؛ لأن أمه ماتت في النفاس بأخيه بنيامين، فتزوجها أبوه، فأقامها مقام أمه، عن السدي