قوله تعالى: {فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين 99 ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال ياأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم 100 رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين 101 ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون 102}
  وجماعة، وقيل: نشرت أمه راحيل من قبرها حتى سجدت له تحقيقًا للرؤيا، عن الحسن، وقيل: أنزل أبويه معه وإخوته في منازل شتى، وقيل: «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ».
  ومتى قيل: كيف قال: ادخلوا بعد الدخول؟ وما وجه الاستثناء، وقد حصل الدخول؟
  قلنا: قد قيل: في تقدير الكلام وجوه:
  أحدها: تلقاهم يوسف خارج المصر، ودخل منزلاً، فلما دخلوا عليه ضمهم إلى نفسه، وقال: ادخلوا مصر، عن الأصم.
  وثانيها: قيل: خرج مستقبلاً لهم، وخرج أهل البلد، فلما رجع قال: ادخلوا مصر، قاله السدي يحكي عن فرقد السبخي.
  وثالثها: ادخلوا مصر مقيمين إن شاء اللَّه آمنين، والاستثناء للإقامة، وقيل: في الآية تقديم وتأخير، والاستثناء في قول يعقوب لبنيه «سَوْفَ أَسْتَغْفُر لَكُمْ رَبِّي» ومعنى الكلام: سوف أستغفر لكم إن شاء اللَّه، فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه، وقال ادخلوا مصر إن شاء اللَّه، هذا معنى قول ابن جريج، وقيل: الاستثناء رجع على الأمر، كقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} ومعنى قوله: «آمنين» يعني على أنفسكم وأموالكم وأهليكم، لا تخافون أحدًا، وقيل: وكانوا فيما خلا يخافون ملك مصر، عن ابن عباس، وقيل: آمنين من القحط والشدة والفاقة «وَرَفَعَ أَبَوَيهِ عَلَى الْعَرْشِ» أي: أجلس أبويه على السرير الرفيع، وهو سرير الملك، وقيل: العرش السرير، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد «وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا» يعني وقعوا له في السجود أبواه وإخوته، وقيل: خروا، عن ثعلب، كقوله: {لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} واختلفوا في هذا السجود، فقيل: سجود للتحية لا