قوله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين 110 لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون 111}
  استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوهم. فقال الضحاك: ما رأيت كاليوم قط، لو رحلت في هذا إلى اليمن كان قليلاً. وقيل: في هذه القصص عبرة؛ لأنه قط لم يقرأ كتابًا، ولا سمع حديثًا، ولا خالط أهله، ثم حدثهم بهذه القصص في حسن معانيه، وجودة ألفاظه بحيث لم يرد عليه أحد، فدل ذلك على صدقه «لأوُلِي الألْبَابِ» أي: لذوي العقول «مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى» يعني ما كان القرآن حديثًا يختلق كذبًا، وقيل: ما أداه محمد أنزل عليه، وقيل: البشارة به ليست بكذب، بل وردت الكتب بها «وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ» قيل: تصديقه الكتب؛ لأنه جاء كما بشر به في الكتب، عن الحسن، وقتادة، وقيل: تصديقه أنه يشهد بأنه حق، والذي بين يديه الكتب كالتوراة والإنجيل، عن الحسن، وإنما قيل بين يديه؛ لأنه وجد، فصار كأنه حاضر، وقيل: بين يديه أمر به «وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيءٍ» أي: بيان كل شيء بالعباد إليه حاجة من أمور الدين والحلال والحرام والوعظ والأمثال والحكم، وعم كل شيء للمبالغة، وإلا فالمراد ما ذكرنا، «وَهُدىً» بيان ودلالة التوحيد والعدل والنبوات والشرائع «وَرَحْمَةً» أي: نعمة ينتفع به المؤمن في العلم والعمل «لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» وخصهم لأنهم ينتفعون به، وإلا فهو هدى للجميع.
  · الأحكام: تدل الآيات على أن أقرب ما يكون العبد من الفرج ونصر اللَّه أضيق ما يكون حالاً.
  وتدل على حدث القرآن من حيث تأخر عن غيره، ومن حيث إنه قصص وتفصيل كل شيء، وهدى، ورحمة.
  وتدل على أن بأس اللَّه وهو العذاب لا يرد عن المجرم، فيبطل قول المرجئة في الفاسق.
  وتدل على عظم حال القرآن حيث وصف بأنه تفصيل كل شيء وهدى ورحمة.