قوله تعالى: {المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 1 الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون 2}
  آيات التوراة والإنجيل، عن مجاهد، وقتادة، والسدي. «وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ» يعني القرآن أنزله اللَّه.
  ومتى قيل: كيف عطف الشيء على نفسه؟
  قلنا: إنه استئناف ليسن بعطف، تقديره: وهذا القرآن الذي أنزل عليك الحق، وقيل: إنه صفة وإن دخلت الواو، عن الفراء. وقيل: أراد بالكتاب جميع القرآن، وبـ (الذي أنزل) ما تقدم إنزاله، ويجوز عطف البعض على الكل.
  «وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ» لا يصدقون مع صحته وبيانه.
  ولما تقدم أنهم لا يؤمنون بيَّن دلالة التوحيد والإيمان فقال سبحانه: «اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا» قيل: بغير عمد ترونها وأنتم ترونها، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، وإياس بن معاوية، وأبي علي، وأبي مسلم، واختيار القاضي، قال الحسن: وفيه تقديم وتأخير، تقديره: رفع السماوات ترونها بغير عمد، وقيل: بغير عمد مرئية، أثبت العمد ونفى الرؤية، عن ابن عباس بخلاف، ومجاهد. وأنكر شيخنا أبو علي ذلك، وذكر أنه لو كان عمدًا لكان كثيفًا ولرئي، ولأن النفي دخل على العمد، لا على الرؤية، وجوز شيخنا أبو هاشم الوجهين جميعًا.
  «ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ» قيل: استولى على العرش بالقهر والعلو، وقيل: استولى على الملك، وقيل: استولى على إمضاء الأمور، وقيل: العرش السماء وهو ملك اللَّه، عن أبي مسلم. وقيل: هو العرش المعروف.