التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال 12 ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال 13}

صفحة 3764 - الجزء 5

  وقيل: خوفًا من الصواعق التي تكون معها، وطمعًا في الغيث الذي يزيل القحط، عن الحسن، وأبي مسلم. وقيل: خوفًا من أذاه للمسافر وطمعًا للمقيم في الرزق به، عن الضحاك، وقتادة، وأبي علي. وقيل: خوفًا إذا كان في زمان يضر المطر، وطمعًا إذا كان في زمان ينفع، عن الأصم. وقيل: خوفًا في مكان وبلدة يضر المطر بها، وطمعًا بها في بلدة ينفعه، عن الزجاج. وقيل: خوفًا من البرد والغرق، وطمعًا في نماء الزرع «وَيُنْشِئُ السَّحَابَ» أي: يخترع بأن يوجدها عن عدم، بلا آلة ولا سبب، وقيل: إنما أنشأ السحاب غربال المطر، كيلا يفسد الزرع والنبات، عن ابن عباس، وكعب. وقيل في معنى يُنْشِئُ: يرفع، وقيل: يجري، وقيل: يثير، وليس بالوجه؛ لأن الظاهر أنه ابتدأ خلقه بلا سبب، وهو الإنشاء والاختراع «الثِّقَالَ» قيل: ثقال بالماء، عن مجاهد.

  وقيل: ثقال في نفسه «وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ» قيل: الرعد هو الصوت المسموع من ناحية السحاب، وقيل: الرعد اسم ملك، وكذلك البرق اسم ملك، قال القاضي: وهذا الأوجه لأن مثل هذا التأويل يطرق على القرآن مذاهب الباطنية.

  واختلفوا في معنى «يُسَبِّحُ الرَّعدُ بِحَمْدِهِ» على ثلاثة أقوال:

  الأول: ينزه اللَّه تعالى لما فيه من الدلالة على تعظيمه، ووجوب حمده، فكأنه هو المسبح؛ لأن الصوت العظيم دل على أنه قادر لذاته لا يشبه خلقه، فهذا أوجه الأقوال.

  وثانيها: يسبح بما فيه من الأنواع الداعية إلى تسبيحه وحمده.

  وثالثها: أن الرعد ملك يزجر السحاب بصوته، ويسبح لله ويحمده، وهذا خلاف الظاهر، وما روي «أن الرعد ملك والبرق سوطه» بَيَّنَّا أنه خلاف الظاهر، فلا