التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق 20 والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب 21 والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار 22 جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب 23 سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار 24}

صفحة 3781 - الجزء 5

  · النظم: ومتى قيل: بأي موضع يتصل قوله: «الَّذِينَ يُوفُونَ»؟

  فجوابنا: قيل: بقوله: {أُولُو الْأَلْبَابِ} فوصفهم بهذه الصفات، عن الأصم، وابن جرير. وقيل: بقوله: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ}، عن أبي علي. قال القاضي: وكلا القولين متقارب، وإن كان الثاني أقرب وأقوى؛ لأن من يعلم هو الذي يصح منه ما ذكره من الخصال.

  · المعنى: «الَّذِينَ يُوفُونَ» أي: يؤدون على التمام «بِعَهْدِ اللَّهِ» قيل: عهده أوامره ونواهيه، وقيل: عهده [كل ما] يلزم العبد عقلاً وسمعا، والعقليات: كالتوحيد، والعدل، وما شاكله من الواجبات، والشرعيات: كأوامر الشرع ونواهيه «وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ» أي: لا يبدلون ولا يرجعون، والميثاق ما وثقه المكلف على نفسه مما لزمه، والميثاق العقد الموثق، وقيل: ميثاق الرسول، وهو ما حلفوا له، عن أبي علي.

  ومتى قيل: إذا دخل جميع الأوامر والنواهي في العهد، فما معنى ذكر ما بعده؟

  فجوابنا عنه جوابان:

  أحدهما: ذكر ذلك لئلا يظن ظان أن ذلك فيما بينه وبين ربه، فذكر ما بينه وبين العباد.

  وثانيها: أنه تأكيد.