قوله تعالى: {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق 20 والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب 21 والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار 22 جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب 23 سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار 24}
  «وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ» قيل: المراد به الإيمان بجميع الكتب والرسل حتى لا يفرق بينهما، وقيل: صلة محمد، ومؤازرته، ونصرته، والجهاد معه، عن الحسن. وقيل: صلة الأرحام، عن ابن عباس، والأصم. وقيل: بل هو ما يلزم من صلة المؤمنين، والتولي والحفظ، والذب عنه في باب الدين، فيدخل فيه صلة الرحم وغيره، عن أبي علي، وأبي مسلم. قال القاضي: وهو الوجه لعموم الكلام ما أمر الآمر قبل إيجاب الفعل بطريقة «افْعَلْ»، عن أكثر الفقهاء. وقيل: الأمر على الوجوب، وقيل: الأمر هو الترغيب في الفعل بطريقة «افْعَلْ» وهو على الندب عند الإطلاق، عن أبي علي، وأبي هاشم. وقيل: هو قول القائل لمن دونه: افعل، إذا أراد المأمور به، عن القاضي. «وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ» أي: عقابه «وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ» قيل: مناقشته، وقيل: سوء الحساب ألا يقبل لهم طاعة، ولا يغفر لهم سيئة، وقد بَيَّنَّا من قبل ما قيل فيه «وَالَّذِينَ صَبَرُوا» الصبر: حبس النفس عن الشيء على وجه يشق، فمعناه صبروا على طاعة غير اللَّه وعن معصيته، عن ابن زيد. وقيل: صبروا على المصائب والنوائب، وقيل: صبروا في جهاد الأعداء، وقيل: صبروا على دينهم «ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ» أي: طلب رضاه وثوابه، وذكر الوجه عبارة عن إخلاصه في ذلك وترك الرياء، وقيل: طلب تنزيهه عن معصيته ومخالفة أمره «وَأَقامُوا الصَّلاةَ» أدوها على ما فرض عليهم «وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً» قيل: أراد الزكاة المفروضة، عن الحسن وجماعة، ثم اختلفوا، فمنهم مِن قال: الإخفاء أولى لأنه أبعد من الرياء، ومنهم من قال: الإظهار أولى لأنه أبعد من التهمة وأدعى لغيره من الاقتداء به، وقيل: بل هي الزكاة وما يتطوع به، فقوله: «سرًّا» يرجع إلى التطوع «وعلانية» يرجع إلى الزكاة الواجبة، عن الأصم. وقيل: الزكاة والحقوق الواجبة، عن أبي علي.