التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب 27 الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب 28 الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب 29}

صفحة 3789 - الجزء 5

  · النظم: لما ذكر تعالى حال الكفار وسوء عواقبهم عقبه بذكر ما اقترحوا من الآيات، وترك تفكرهم في الآيات المنزلة فقال سبحانه: «وَيَقُولُ».

  ومتى قيل: كيف يتصل قوله: «قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ» بما قبله؟

  فجوابنا: أنهم استعجلوا العذاب، وبَيَّنَ أنه يضل من يشاء، أي يهلك من يشاء معجلاً، ويؤخر من يشاء، عن أبي مسلم. والمراد بقوله: «آية» آيات العذاب، قال القاضي: وإنما يرسل الآيات، وينزل النقمات بحسب المصلحة.

  وقيل: لما اقترحوا الآيات بين أنهم لا يجابون إلى ذلك؛ لأن في المعلوم أنهم لا يؤمنون، وأنه يهلكهم.

  وقيل: اقترحوا آياتٍ مخصوصة نحو أن يجعل الصفا ذهبًا ويُحْيي موتاهم، فبَيَّنَ أنه ينزل بحسب المصلحة، ويمتحن بها، فيعذب من يشاء إذا جحدها، ويهدي من يشاء بقبولها.

  · المعنى: «وَيَقُولُ» يعني: الكفار قالوا «لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ» على محمد ÷ «آيَة» قيل: آيات العذاب والهلاك، عن أبي مسلم، معجزات مخصوصة سوى القرآن مما اقترحوها، قال القاضي: وهو الأقرب. وقيل: طلبوا آيات للاضطرار، فبيَّن بقوله: «يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ» أن الزمان زمان تكليف فلا مصلحة في إجابتهم، عن أبي القاسم. وقيل: طلبوا الآيات على وجه الرد والتكذيب فلذلك لم يجبهم «قُلْ» يا محمد «إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي» من يشاء، ذكر أبو القاسم فيها وجوهًا:

  منها: أن المراد بها الحكم والتسمية.