قوله تعالى: {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب 27 الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب 28 الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب 29}
  ومنها: المراد به زيادة الألطاف للمؤمنين ومنعها من الكافرين، ومثله بقوله لصاحبه: أفسدت سيفك؛ أي: لم تتعهده حتى فسد، وإن لم يرد فساده.
  ومنها: أنه أراد يهلك بالعذاب من يشاء، وينجي من يشاء، وهو اختيار أبي مسلم، والقاضي.
  وقيل: يضل عن ثوابه ورحمته عقوبة لهم على كفرهم، ويهدي إلى ثوابه من أناب، عن أبي علي.
  «مَنْ أَنَابَ» أي: رجع إلى اللَّه تعالى، وتاب.
  ثم وصف من أناب، فقال سبحانه: «الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله «وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ» يعني تسكن قلوبهم إلى القرآن إذا تدبروا فيه وعلموه معجزًا دالاً على الأحكام وعلى النبوة وأنه كلام رب العزة، وقيل: تطمئن قلوبهم عند وعده ووعيده، وقيل: الذكر هو ذكر اللَّه تعالى وتوحيده، وقيل: هو الحلف بِاللَّهِ تعالى من حلف به تعالى تسكن قلوب المؤمنين، وقيل: تسكن قلوبهم، فلا تضرهم الخواطر والوساوس عن أبي القاسم، وهو الأصح لأنه يدخل فيه القرآن وجميع أمور الدين، ونفي التشبيه والشك عن قلوب المؤمنين لما علموه استدلالاً دون التقليد.
  ومتى قيل: كيف يصح الجمع بين هذه الآية وبين قوله: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُم}؟
  قلنا: للعلماء فيه وجوه:
  منها: تسكن قلوبهم إلى صحة الدين والقرآن، والوعد والوعيد، والبعث والجزاء، فعند ذلك خافوا العاقبة، وكلما كان عملهم أقوى كان خوفهم أشد، عن القاضي.
  ومنها: أن قلوبهم تطمئن بآيات الوعد إذا قوي أملهم في الثواب لتمسكهم بالطاعة، وتوجل قلوبهم إذا خافوا العقاب إشفاقًا وحذرًا من تقصير أو معصية، عن أبي علي.