التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب 30}

صفحة 3793 - الجزء 5

  وقيل: تتعلق بقوله: {يَنْقُضُونَ عَهْدَ} أي: في أمتك مثل ما كان في الأمم ممن ينقض العهد، عن القاضي.

  · النزول: قيل: نزلت في عبد اللَّه بن أبي أمية المخزومي وأصحابه لما نزل: {اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ} قالوا: ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة، يعنون مسيلمة، فنزلت الآية، عن ابن عباس.

  وقيل: نزلت في مشركي العرب قالوا: أما اللَّه فنعرفه، وأما الرحمن فلا نعرفه، عن الحسن، وقتادة.

  وقيل: نزلت في صلح الحديبية لما كتب رسول اللَّه ÷: «»، فقال سهيل بن عمرو والمشركون: لا نعرف الرحمن، اكتب باسمك اللَّهم، وكذلك كانوا يكتبون، فقال ÷: «اكتبْ»، ثم قال: «اكتبْ: هذا ما صالح عليه محمد رسول اللَّه» قالوا: لئن كنت رسول اللَّه وأنكرناك لقد ظلمناك، اكتب ما صالح عليه محمد، عن ابن جريج.

  · المعنى: «كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ» أي: هكذا أرسلناك يا محمد، وقيل: كما أرسلنا في الأمم أرسلناك «فِي أُمَّةٍ» في جماعة «قَدْ خَلَتْ» مضت «مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ» قرون وجماعات «لِتَتْلُوَ عَلَيهِمُ الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ» أي: لتقرأ عليهم القرآن الذي أوحينا إليك «وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ» قيل: يجحدون الوحدانية، وقيل: باسم الرحمن، والوجه الأول، كأنه قيل: يكفرون بِاللَّهِ وأنه الواحد؛ لأن الكفر بالاسم لا يكون كفرًا، والكفر بمحمد لا يكون كفرًا باسمه «قُلْ» يا محمد «هُوَ» الرحمن الذي أنكرتموه «رَبّي» خالقي ومدبري «لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكلْتُ» فوضت أمري إليه «وَإِلَيْهِ مَتَابِ» مرجعي.