التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب 40 أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب 41 وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار 42 ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب 43}

صفحة 3815 - الجزء 5

  وهذا كله تخليط من القوم، وقلة معرفة بمعاني الأخبار، وبالفرق بين البداء والنسخ، وقد بَيَّنَّا جواز النسخ وامتناع البداء؛ لأن البداء يرجع إلى حال العالم، والنسخ يرجع إلى حال المعلوم، فأما الشقاوة والسعادة فلا يصح على مذهب الجبر، وإنما يصح على مذهبنا أن السعيد من سعد بعمله، فإذا آمن وعمل صالحا كتب في السعداء، وإذا كفر كتب في الأشقياء، فإذا تاب محي ذلك وكتب من السعداء، فهذه الأخبار تدل على صحة ما نذهب إليه، وبطلان ما يذهب إليه القوم، وبطلان قول أصحاب الموافاة.

قوله تعالى: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ٤٠ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ٤١ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ٤٢ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ٤٣}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو: «وسيعلم الكافر» بالألف قبل الفاء على واحد، وقرأ الباقون: «الْكُفَّارُ» على الجمع، وفي قراءة ابن مسعود: «وسيعلم الكافرون»، وفي قراءة أبي: «وسيعلم الَّذِينَ كفروا»، وقد ذكر شيخنا أبو القاسم عن